وكل من عرف الشيخ صالح وسمع خطبه أو كلماته يعجب من السلاسة في العبارات والقوة في الطرح والبلاغة التي تناسب حال المخاطبين , فهو يتكلم ليفيد الناس لا ليعلمهم أنه يملك معلومات!.
كان رحمه الله في مواعظه التي يتجول بها دائماً في مساجد جدة يركز على قضايا التوحيد والعقيدة والتصدي للمنكرات
فأنت تسمعه فتظن أن هذا الأسد الجهوري الصوت , المنتصب كالسيف وقد جاوز الثمانين , يشرح متن الأصول الثلاثة , أو كتاب التوحيد , وهما من مصنفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
لا تكاد تمل وأنت تسمعه وهو يرسل كلماته إلى الناس , فلا يكاد ينتهي من كلامه وموعظته حتى يهرع الناس اليه لتقبيل رأسه والسلام عليه.
ولاشك ان أي داعية تصدى لإصلاح الناس , وتقويم ما اعوج من سلوك البشر، سيلقى الأذى وقد كان ذلك.
فأوذي في سبيل ذلك , لكنه وقف مواقف مشرفة يجبن عنها كثير من الناس ,حتى أن بعض سفراء الدول الغربية أصبح يخشى الشيخ الذي لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يعرف المجاملة التي تؤدي الى ضياع الدين , لعلي أذكرها في وقت آخر , فيها العجب العجاب.
وقد ترك الشيخ من المؤلفات القيمة شيئاً يسيراً , حيث شغله نفع الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجلوسه للرقية ومحاربة مفسدي الجان , وهذا تعداد يسير بها:
1 - منظومة الجواهر الحسان التي ذكرنا مقطعاً منها , وقد عرضها على الشيخين عبد العزيز بن باز وعبد الله بن حميد رحمهما الله فاستحسناها جدا , لما فيها من نَفَس أهل السنة وعلم شريف , مع إطلاع وفهم لحال الناس ومنكراتهم المعاصرة , وجودة سبكها وسلاسة نظمها.وهي الآن بصدد إعادة طباعتها بتحقيق ابنه القارئ/عبدالعزيز بن صالح الزهراني (3)
2 - بدعة الإعتداء في الدعاء.تحقيق ابنه القارئ/ عبدالعزيز بن صالح الزهراني.
3 - الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم (مات ولم يتمه).
4 - خطبه المنبرية (وقد جمعها ابنيه عبدالرحيم وعبدالعزيز)
تلك نبذة من خصال الشيخ صالح الزهراني كتبتها تذكرة لأهل الغيرة , في زمن كثر خبثه وفشا منكره.
توفي رحمه الله يوم الجمعة الثالث عشر من الخامس لعام الف وأربع مئة وسبعة وعشرين بعد أمراض الكبر التي لم تفقده كثيراً من صحته وعقله وذكره وعبادته , بل كان يدعوا الله كثيراً أن يجعل وفاته في اليوم المبارك الجمعة, كما كان يقول ذلك ابنه عبدالعزيز الزهراني وكان له ذلك.
دفن رحمه الله في مكة ونزل قبره الشيخ الفاضل الدكتور صالح الغزالي والشيخ ابراهيم عطية الزهراني وابنيه عبدالعزيز وعبدالرؤوف , ليتوارى هناك جسد نحسبه والله حسيبه من أهل الغيرة والصلاح , وبقية من القرون ممن كان جل همه نشر الفضيلة ودفع الرذيلة , ونفع الناس.
اللهم ارحم الشيخ صالح وأسكنه الفردوس الأعلى وعوضه خيراً من دنياه ,وأصلح له ذريته , وبلغه مناه , والهم محبيه الصبر والسلوان.
______
(1) موفق بن عبد الله بن كدسة الغامدي أبو عبد العزيز، أحد الدعاة المفوهين من أبناء بلجرشي، أمام وخطيب بحي السليمانية بجدة، يحضر الآن رسالة الدكتوراه، رزقه الله أسلوبا جميلا في الخطابة، لا يمل المستمع منه.
(2) سألت الشيخ محمد بن جماح حفظه الله، فقال نعم، كان في مدرسة القرعاوي، وقال إنه كان يزورهم كل شهر ثلاثة أيام أو أربعة، يستفيد منهم، لكنه لم يكن طالبا منتظما في المدرسة السلفية ببلجرشي التي أسست عام 1370 هـ، بل كان يزورهم ويجلس معهم ويستفيد منهم.
(3) أخبرني شيخنا محمد بن علي آل جمَّاح الغامدي حفظه الله أنه بعد أن استمع إلى هذه القصيدة، وأعجب بها كثيرا، قرر أن يقوم بنظم قصيدة مثلها، تشتمل على نصائح وآداب وتوجيهات، وقد نظمها عام 1396 هـ، في 153 بيتا، وقد أخذت التسجيل الصوتي لها من الشيخ حفظه الله، وفرَّغته، وسأعرضها على الشيخ للتصحيح والتنقيح والتعليق عليها، ثم نشرها، أسأل الله التيسير.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[02 - 02 - 08, 02:29 م]ـ
جزاك الله خيرا يا اخ خالد
اشعلت فينا حماس الدعوة
وفقك الرحمن