تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجوهري هو إسماعيل بن حماد (332 - 400هـ)، أصله من فاراب في بلاد الترك. رحل إلى العراق في طلب العلم فدرس على اثنين من أعظم شيوخ العربية في زمانه هما أبو علي الفارسي (288ـ 356 هـ) وأبو سعيد السيرافي (284ـ 368 هـ). ثم رحل إلى الحجاز وشافه الأعراب في ديارهم. وسافر إلى خراسان فالري فنيسابور حيث أقام هناك متصديا للتدريس ومتفرغا للتأليف، وفيها ألف معجمه (الصحاح) وفيها لقي حتفه على إثر قيامه بتجربة فاشلة للطيران حين صعد إلى سطح الجامع وقد ربط أجنحة إلى ذراعيه وألقى بنفسه محاولا الطيران، ولكنه سقط ميتا. فقال بعضهم إن محاولته تلك نتيجة لإصابته بوسوسة أو لوثة في عقله.

ومعجمه (الصحاح) يشهد بعبقرية فذة جعلت ياقوت يقول عنه في معجم الأدباء:" كان الجوهري من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما" (2)

ولا تكمن أهمية معجم (الصحاح) في أن الجوهري جمع فيه الألفاظ الصحيحة " بعد تحصيلها بالعراق رواية، وإتقانها دراية، ومشافهتي بها العرب العاربة في ديارهم بالبادية"، كما يقول (3) فحسب، وإنما في الترتيب الذي ابتكره لتيسير المعجم كذلك. وخصائص المعجم الفريدة هذه جعلت الناس يقبلون على اقتنائه وتداوله ما دعا الباخرزي إلى القول: " وهذا الكتاب هو الذي بأيدي الناس اليوم، وعليه اعتمادهم." (4) ويعلل الثعالبي ذلك بأن (الصحاح) " أحسن من (الجمهرة)، وأوقع من (تهذيب اللغة)، وأقرب متناولا من (مجمل اللغة)." (5)

وتنبني منهجية الصحاح على ترتيب جميع أصول الكلمات العربية، بصرف النظر عن بنائها الصرفي، حسب قوافيها على حروف المعجم الألفبائية المعتادة. ويُخصص لكل حرف باب. وفي كل باب تُرتب المواد ترتيبا ألفبائيا كذلك. ففي باب الباء، مثلا، نجد المواد مرتبة ألفبائيا: أبب، أتب، أدب، أرب، أزب، .. ألخ.

400ـ تلخيص الصحاح:

وأدى صدور هذا المعجم الرائع إلى تنشيط الحركة المعجمية تمثل في الكتابات النقدية التي تناولته والأعمال المعجمية التي انبثقت عنه تعليقا، وتكملة، وتحشية، وتلخيصا. ويكفي الجوهري فخرا أن أعظم معاجم التراث العربي بعده سارت على نهجه وأفادت منه، ومنها (القاموس) للفيروزبادي و (لسان العرب) لابن منظور ومعجما الصاغاني.

وقد أحصى الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، محقق الصحاح، تسعة تعليقات، وسبع حواش، وتسعة كتب جمعت الصحاح مع غيره من المعاجم، وسبع تكملات ومستدركات، وعشرة كتب تناولت الصحاح بالنقد، وستة عشر كتابا أُلفت في الدفاع عن الصحاح، وسبعة عشر مختصرا، وثمان ترجمات إلى اللغتين الفارسية والتركية، وعشرة كتب اقتبست اسم الصحاح أو سارت على منهجيته. (6)

500ـ الرازي ومختار الصحاح:

لا يقل محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت بعد سنة 691هـ) عن الجوهري عبقرية وطول باع في المعارف. فالرازي لغوي، مفسر، فقيه، صوفي، أديب له نظم ونثر. ولكن أخباره قليلة ولا نعرف تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته على وجه التحديد، فقد اتسم العصر الذي عاش فيه بالاضطراب السياسي والحروب الطاحنة، إذ كان الصليبيون قد شنوا حملاتهم المتتالية على العالم الإسلامي من الغرب واستولوا على بيت المقدس سنة 493 هـ واجتاح المغول العالم الإسلامي من الشرق فسيطروا على إيران كلها عام 628 هـ. ثم زحف هولاكو بجحافله إلى عاصمة الخلافة الإسلامية، بغداد، سنة 656 هـ واستباحها ودمّرها وأحرق معاهد العلم والمكتبات فيها وقتل الخليفة وأهله.

ولهذا كله اضطربت في ذلك العصر الاتجاهات الفكرية المتباينة والنزعات الدينية المختلفة، وانتعش التصوف. وكان الرازي، وأصله من الري، من كبار الصوفية الذين ولعوا بالأسفار والرحلة في طلب العلم فزار مصر والشام والأناضول، واتصل بالعلماء وطلاب العلم في هذه الأقطار.

وللرازي مؤلفات عديدة في تفسير القران، واللغة، والبلاغة، والتصوف. وله خبرة في إيجاز المعلومات واختصارها تجلت في تفسيره الموجز المعروف بـ (إنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من آي التنزيل) (7)، وفي مصنفه (كتاب الأمثال والحكم) الذي قال عنه في مقدمته إنه مختصر جمع فيه ما تفرق من الأبيات المفردة وأنصاف الأبيات التي ما زال الفضلاء يتمسكون بها في مكاتباتهم ومخاطباتهم ... (8)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير