تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الناس؟ ...

وقوله:

فاق النبيين في خَلق وفي خُلق===ولم يساووه في علم ولا كرم

فهذا من صميم عقائدنا، أما في الخَلق، فقالت عائشة الصديقة رضي الله عنها:

خلقت مبرأ من كل عيب===كأنك قد خلق كما تشاء

وفي حديث الشمائل الترمذية أن يوسف حاز نصف الجمال، ومحمدا صلى الله عليه وسلم حاز كل الجمال، بأبي هو وأمي ...

أما خُلقه صلى الله عليه وسلم، فقد قال الحق تعالى: {وإنك لعلى خلقٍ عظيم}، فماذا يقول الواصفون في خلق وصفه رب السماوات والأرض بأنه عظيم؟، لقد تكسرت دون ذلك الأعناق، وأيس العالمين هنالك عن اللحاق ... وقد قالت عائشة الصديقة سلام الله عليها، عندم سئلت عن خُلق النبي صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن" ..

أما علمه وكرمه صلى الله عليه وسلم، فلا يشك عاقل بأنه فاق في ذلك الوصف، ولست أفهم ما معنى انتقاد المنتقد لهذا البيت؟، وكأنه لا يؤمن بمضمونه وهو من أولويات عقائد الإسلام لا السنة فحسب ...

وقوله:

دع ما ادعته النصارى في نبيهم====واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف===وانسب إلى قدره ما شئت من عظم

فلست أدري ما المنتقَد هنا؟، فقد نسب النصارى عيسى عليه السلام للألوهية، فنهانا الشاعر عن ذلك، قائلا بأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد حاز الكمال، وحاز منتهى الجمال الخَلقي والخُلقي، فكل وصف يوصف به خلا ما هو من صفات الألوهية، كالنفع والضر، والخلق والقتل ... إلخ مما هو من صفات اللوهية، لا يعدو أن يكون صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم، وهذا من باب المبالغة في المدح والتعظيم، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم حري بذلك، ولله در القائل:

هام الورى في معان أنت جامعها===فكلهم لك عشاق وما علموا

فجعل أن كل صفة من صفات الكمال قد حازها النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صار كل من أحب صفة من صفات الكمال والجمال إنما أحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يشعر ...

حتى قيل بأن الشعراء الأول؛ من أهل القرون الأولى، عزفوا عن المدح النبوي، هيبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وعجزا أن يأتوا ببعض البعض من أوصافه، حتى قال أبو نواس غفر الله له ورحمه، وقد سئل لماذا لم بمح الإمام عليا الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي، وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فقال:

قِيل لي: أنت أفصح الناس طُرّاً===في فنونٍ من الكلام النبيهِ

لك من جوهر الكلام بديع===يُثمر الدرَّ في يدَي مُجتنيهِ

فعلامَ تركتَ مدحَ ابن موسى===والخصالِ التي تجمّعن فيهِ

قلتُ: لاأستطيع مدح إمامٍ===كان جبريل خادماً لأبيهِ

بل ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره، أو "البداية والنهاية" الشك مني، أن حسانا أول ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ورجع إلى قومه، سألوه أن يهجوه لهم فقال:

لما نظرتُ إلى أنواره سطعت===وضعتُ من خيفتي كفي على بصري

خوفا على بصري من حسن صورته===فلست أنظره إلا على قدري

لَنْوار من نوره في نوره غرقت===والوجه منه طلوع الشمس والقمر

روح من النور في جسم من القمر===كحلة نسجت بالأنجم الزهُر

لنوار، يعني: الأنوار. فانظر إلى جزالة اللفظ، وعذوبة الأسلوب، ورقة المعاني، وهي أمور لا يعدو البوصيري رحمه الله أن يكون مقتبسا منها ...

والبيتان لا يدعوان إلى اختلاق الأقاصيص في ذكر أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا منهي عنه إجماعا، إنما هو مباهاة وفخر بالنبي صلى الله عليه وسلم - درج على ذلك جل الشعراء - بأن أوصافه بلغت كمال الكمال، ومنتهى الجمال والجلال، ولله در القائل:

فلو سمعوا في مصر أوصاف خده====لما بذلوا في سوم يوسف من نقد

وصحب زليخا لو رأين جبينه====لآثرن بالقطع الفؤاد على الأيدي!

وبيتا البوصيري لا يعدوان أن يكونا ترجمة لما قالته عائشة رضي الله عنها:

وأجمل منك لم تر قط عيني===وأكمل منك لم تلد النساء

خلقت مبرأ من كل عيب===كأنك قد خلقت كما تشاء

-يتبع-

أما قوله:

لو ناسبت قدره ... البيت ..

فقد مر الحديث عنه ...

وقوله:

لا طيب يعدل تربا مس أعظمه===طوبى لمنتشق منه ومنتسم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير