اسأل مجرب، يحس إن له ثلاث سنوات أربع سنوات خمس سنوات ست سنوات في العلم وإلى الآن يحس أنه ما مسك شيئاً سببه عدم حفظ المتون. لابد من حفظ المتن، أنا مثلاً الآن أدرس في التجويد مثلاً، وأقول: متى ترقق الراء ومتى تفخم عندها مباشرة تذهب إلى منظومة الجزري: ورقق الراء إذا ما كسرت كذك بعد الكسر حيث سكنت. عندي الآن وضوح لا يمكن أن أتشتت أو أجلس لأتذكر. لما أقرأ في القراءات مثلاً: حفظ منظومة الشاطبي، كيف أعرف الفرش وأنا لم أحفظ، إذا أردت أن أقرأ سورة البقرة تنفتح أمامي الشاطبية:
وما يخدعون الفتح من قبل ساكن ... وبعد ذكا والغير كالحرف أولا
وخفف كوف يكذبون وياؤه ... بفتح وللباقين ضم وثقلا
وقيل وغيض ثم جيء يشمها ... لدى كسرها ضما رجال لتكملا
وحيل بإشمام وسيق كما رسا ... وسيئ وسيئت كان راويه أنبلا
أريد أن أقرأ عم يتساءلون:
وقل لا بثين القصر فاش وقل ولا ... كذابا بتخفيف الكسائي أقبلا
إذن الكلام ليس فيه تشتت ولا عندي تردد الكلام واضح أنا أقوله وهو في عقلي. ولهذا ابن حزم رحمه الله تعالى كان عنده مكتبه عظيمة جداً، فوشى به الناس، وأصبح السلطان يريد أن ينتقم منه فأمر بإحراق كتبه رحمه الله تعالى، فجاؤو إليه وطرقوا عليه الباب، وأرادوا أن يحرقوا كتبه فماذا قال وهم يحرقون الكتب – انظر إلى القوة- قال:
إن تحرقوا القرطاس لن تحرقوا الذي ... حوى القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
يعني انظر كيف تكون الثقة؟ الكتب محفوظة في الصدور ليست في السطور، المعلومات التي في السطور تنسى والمعلومات التي في الصدور تبقى وتحضر مع الإنسان أينما سار أينما ذهب هذه المعلومات موجودة، التي هي المتون.
(وقد سمعت من شخص: أن هناك مفتياً في الحج وكل ما سئل فتح كتاب الشيخ شرح زاد المستقنع هو يشكر على أنه لايريد أن يغرر لكن لماذا تضع نفسك في هذا الموقف والعلم ليس في صدرك).
لما تسأل مثلا في النحو: ما هي علامة الاسم؟ تحتاج تذكر. لكن لما يحفظ الألفية:
بالجر والتنوين والندا وأل ... ومسند للاسم تمييز حصل
والفعل:
بتا فعلت وأتت ويفعلي ... ونون أقبلن فعل ينجلي
سواهما الحرف كهل وفي ولم.
إذن المتن يعطيني ثقة بضبطي للعلم، المتن يعطيك ثقة فلا تحتقر حفظ المتون. لا يمكن أن تسود في هذا العلم حتى تبلع المتن وتحفظه.
(جلست مع واحد يخرج الحديث ويهتم بالحديث ولا يوجد حديث إلا ويبحث عن أسانيده. جلست معه قلت: ما هو تعريف الحسن؟ قال: الحسن!! الحسن!! ولم يعرف .. هو الآن يصحح ويضعف. قد يتصوره لكن انظر كيف ما استطاع أن يترجم. كيف! هذا لا يُقبل هذا شخص يصحح ويضعف ولا يستطيع تعريف الحسن. لكن لو حفظ ألفية العراقي:
والحسن المعروف مخرجا وقد ... اشتهرت رجاله بذاك حد
حمد وقال الترمذي ما سلم ... من الشذوذ مع راو ما اتهم
الآن في هذه المنظومة عرف الحسن بأربع تعريفات. يا إخوان المنظومات للأسف التي هي الطريق الصحيحة للعلم كما قلت الآن تغيب، وثق أنك لن تبلغ مبلغ أهل العلم حتى تسلك طريقهم، ثق بهذا. وكما قلت التشتت والتشويش الذي تعيش أنت فيه وتحس أنك لا زلت لك ثلاث سنوات أربع سنوات ثق أنه من عدم ضبط المتون هذه المقدمة اختصرتها أريد فقط أن أحيي مبدأ المتن سواء كان نظماً أو نثراً في أنفسكم. فإياك إياك أن تحتقر حفظ المتون، في الفرائض مثلا: بنت الأخ ترث أو ما ترث؟ انظر التشتت عندك تحتاج إن تقف قليلاً، لكن من حين ما تسمع السؤال اذهب:
والوارثات من النساء سبع ... لم يعط أنثى غيرهن الشرع
بنت وبنت ابن وأم مشفقة ... وزوجة وجدة ومعتقة
والأخت من أي الجهات كانت ... فهذه عدتهن بانت
إذاً ليست معهن، لكن لو أني ما حفظت شيئاً: فإني سأعيش تردداً.
العلماء يا إخوان سهلوا لنا العلم فجزاهم الله عنا خير، وبلغوا العلم بهذه الطريقة.
¥