أجلس مع شخص له سنة في طلب العلم وبدأ في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية أو بدأ في كتب ابن القيم وأسأله كيف أنت مع المتون فيقول: لا. مايحتاج أنا أفهم المسائل وأدققها وأحققها!!. يا إخوان العلم صعب، وأخصر الطرق للوصول إليه طريقة هؤلاء العلماء. اسلك طريقهم وسترى، وجرب في أي فن، في فن البلاغة، فن النحو، فن الفرائض، فن التجويد، اضبط لك متناً وانظر كيف يكون فهمك لهذا العلم. بل بالعكس يجعلك تبحث عن الفوائد المتنوعة من أجل أن تجيد هذا المتن مباشرة تجد أن المتن جعل العلم أمامك واضحاً.
كلما كان الحفظ قوياً والفهم قوياً كلما كان العلم متركزاً ثابتاً كرسوخ الجبال.
هذه من أهم الأشياء أن نحييها (أنا نحفظ المتون) العلم الذي تريد تبرز فيه اعتن بالمتون، المتن سيوصلك إلى ما تريد بأمر الله جل وعلا، فإن أخذت يميناً ويساراً ضعت، والله لو قرأت المطولات في هذا العلم.
مثلاً: أصول الفقه تقرأ شرح الكوكب المنير، وتقرأ شرح سليمان الطوفي على البلبل، وتقرأ شرح الروضة، وتقرأ وتقرأ، أتحدى أن يكون هذا الذي قرأ هذه الكتب الكبيرة بنفس معلومات الذي حفظ منظومة العمريطي مئتين بيت فضلاً عمن إذا حفظ منظومة السيوطي في الكوكب الساطع، وهذا عن تجارب، تجد أنه مشتت يعطيك معلومات كبيرة متعددة ولا يدري ما سؤالك، لكن من حفظ المتن وفهمه وضبطه وحفظه ودرس على أحد الشيوخ المتمكنين تجد أن معلوماته راسخة وواضحة ولا يمكن أن يخلط. والعلم يا إخوان رحم فيما بينه، أنت تحفظ الآن منظومة في علم تفيدك في علم أخر، لا تقول أنا حفظت هذي خلاص تخصصت في كذا (لا). إذا حفظت منظومة مثلا في أصول الفقه أفادتني في التفسير وأفادتني في النحو. لما أقول مثلاً:
إذا جواب وجزاء صاحبا ... وقيل دائما وقيل غالبا
للشرط إن والنفي والزيادة ... والشك والإبهام أو أفادت
هذا أفادني في معاني حروف الجر، وإن جئت للتفسير فهمت معنى قوله تعالى: ?إن عليك إلا البلاغ?
إن معناها: شرطية، أبدا أتذكر منظومة في أصول الفقه (للشرط إن) هل هي شرطية؟ لا، (والنفي) إذن إن تأتي بمعنى نفي (ما) ما عليك إلا البلاغ، إذن صح، صارت (إن) نافية، على أن المنظومة في أصول الفقه.
فقدر ما تستطيع أكثر واحفظ وحاول أن تجمع معلومات كبيرة جدا في المنظومات وفي فهمها ستجد انك قطعت مشواراً كبيراً جداً في مدة قصيرة.
يا إخوان: اختصروا الوقت، اختصروا الوقت قدر ما تستطيعون.
إذن: أول أمر الآن نقول: إن حفظ المتون هذا هو السبيل الصحيحة للوصول إلى العلم، غيره لن يوصلك إلى ما تريد، ثم بعد العزم على حفظ متن، يأتي:
الأمر الثاني: وهو الاستشارة في حفظ المتن، وانتبه لا تستشر من كان مبتدئاً أو متوسطاً في العلم، بل استشر المنتهين الذين وصلوا في العلوم الشيء الكثير يعني مثلاً تسأل في الفقه مثلا: واحد يقول: عمدة الفقه وآخر يقول: أخصر المختصرات وثالث يقول: زاد المستقنع ورابع يقول: دليل الطالب. فالذي حفظ زاد المستقنع سيمدحه لك، أليس كذلك كل يمدح ما عنده. إذن من أستشير؟ استشر المنتهي أو قل للمبتدي: من قال لك هذه المعلومة، فيعزوا هذه المعلومة إلى شخص منتهٍ، لأنك تطمح أن تكون أفضل منه.
مثلاً: رأيت علم ابن عثيمين كيف وصل إلى هذا المستوى، كيف وصل الشيخ محمد رحمه الله إلى هذا العلم كيف رفعه الله؟ انطبق عليه قول الله جل وعلا نحسبه والله حسيبه:? يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ? الشيخ محمد ما رفعه وظيفة، ماله منصب رسمي ليس من اللجنة الدائمة، وليس مفتياً، وليس عنده دال، وإنما مدرس في معهد علمي ثم انتقل إلى كلية. كيف وصل صيته إلى آخر العالم ? يرفع الله ? قد يكون شخص له وظيفة رسمية تبلغه الأماكن. لكن شخص يصل العالمية، فانظر إلى هؤلاء كيف وصلوا واستشرهم في المتون، استشر، فهذا الشيخ عندما تستشيره سيقدر سنك، سيقدر مستواك، سيقدر اهتمامك، سيقدر هل أنت متفرغ للعلم أو لا، بعض الناس مثلا يحفظ منظومة في ألف بيت وهو غير متفرغ للعلم، ما يمكن لكن مئة وعشرين أو مئة وخمسين إلى مئتين ممكن يتقنها، لأنه سيبدأ بعشرين ثلاثين أربعين خمسين ثم يقول الله المستعان طويلة ويتركها.
¥