[نقد الدكتور اللعبداللطيف كتاب (صورة الآخر في فلسفة التربية الإسلامية)]
ـ[عمر السنيدي]ــــــــ[05 - 10 - 06, 03:38 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد
فهذا الكتاب سبق نشره في أربع حلقات في مجلة المعرفة، ثم طبعته وزارة التربية والتعليم ووزعته على المدارس.
ونظراً لورود بعض الملاحظات العقدية والشرعية في الكتاب قررت الوزارة سحب ما وزع من نسخ على المكتبات المدرسية.
وما جاء من أفكار في هذا المقال صدى لكثير من مقالات تتفق في الهدف وتختلف في العناوين، وإن نشر شيء منها في مجلات او صحف او مواقع تنتسب الى الدعوة الاسلامية فينشرونها بدعوى حرية الراي او الكلمة.
فجاء نقد الدكتور جزاه الله خيرا نقداً علميا موضوعيا.
وهذا مقال الدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
غياب الموضوعية في تيار مجاملة الآخر
التاريخ: 9/ 9/1427 هـ
اطلعت على الحلقة الأولى والثانية من بحث «صورة الآخر في فلسفة التربية الإسلامية»، ومع تقديري للجهد المبذول في هذا البحث إلا أن ثمة ملحوظات على ذلك الجهد أذكرها على سبيل العموم والإجمال، ثم أذكر أمثلة ونماذج تفصيلية على تلك الملحوظات.
غلب على البحث ردود الأفعال، واستحوذت تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر على تفكير الكاتب وتقريراته، فسلك مسلك التبرير والتسامح المفرط «والمبالغة» في الاحتفاء «بالآخر»، فغابت الموضوعية العلمية في تيار التسويغ والمجاملة للآخر، واستولت الانتقائية في تقرير النتائج وما خالف تلك النتائج ـ التي قررها الباحث ـ من نصوص شرعية فتؤول أو تخصص!
ومن جملة «المفقودات» في هذا البحث: غياب اللغة الشرعية في كثير من التقريرات، واستعمال الألفاظ الموهمة المجملة ـ حمّالة وجوه ـ كالتعايش وحرية الرأي ...
ومن الملحوظات التفصيلية على تلك الحلقتين ما يلي:
* جاء عنوان البحث «صورة الآخر ... » ولفظ «الآخر» عائم لا ينضبط، فهو بمعنى غير، ألا يسع الباحث أن يسمي «الآخر» بما أسماه الله تعالى في مثل قوله سبحانه: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} (التغابن: آية2). فالآخر هو الكافر، والله سبحانه أعلم وأحكم وأرحم حيث أطلق عليه اسم الكافر دون الآخر!
* ساق الباحث ـ في عنوان المقالة ـ قوله تعالى: {ليسوا سواء} دون أن يتم الآية الكريمة، وكان على الباحث ألا يجعل من آيات القرآن عناوين صحفية مثيرة، فتبتر الآية دون استكمالها، ما يؤدي إلى سوء فهم، لا سيما وأن الباحث قد طالب بالنظر إلى سياق الآيات.
* أشار الباحث إلى اهتمام وزارة التربية في فرنسا بصورة العرب والمسلمين من خلال اختيار نصوص من قصص ألف ليلة وليلة والأيام لطه حسين. فيقال: هل يمكن فهم الإسلام وحقيقة المسلمين من خلال كتاب سمر وأساطير، أو من خلال طه حسين الذي أشرب حب الأوروبيين فنادى بالسير على طريقة الغرب جملة وتفصيلاً؟ وهل فرنسا بهذا الغباء أو الجهل حين تقرر أساطير و «أيام»؟ وقد بلغ بها الكيد إلى إعداد فتوى تجعل الجهاد ضد الفرنسيين من باب إلقاء النفس إلى التهلكة، وضرورة الرضا بحكم الفرنسيين في الجزائر ـ زمن الاستعمار ـ (1).
* تحدث الكاتب عن القيام لجنازة الكافر بشيء من الانتقائية، وكأن الكاتب لم يكتف بهذا القيام الدؤوب للغرب من قبل حكومات المسلمين، فأراد لشعوب المسلمين أن تقوم لجيف الكفار.
كان من المهم أن تعرض هذه المسألة بموضوعية، وأن نحذر من الأحادية في التقرير، فهناك خلاف في مسألة القيام لجنازة المسلم فضلاً عن الكافر، كما أن المراد بأهل الأرض هاهنا أهل الذمة كما جاء في الصحيحين، وجاء تعليل القيام بعدة روايات لم يذكرها الباحث، منها رواية للحاكم «إنما قمنا للملائكة»، ورواية لأحمد «إنما تقومون إعظامًا للذي يقبض النفوس»، ورواية ابن حبان «إعظامًا لله الذي يقبض الأرواح» (2).
* قرر الباحث الكرامة الإنسانية بناء على قوله تعالى: {ولقد كرّمنا بني آدم .. } الآية.
وكان عليه أن يقرر ما جاء في قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} (سورة التين آية 4ـ6).
فإذا انحرف الإنسان وكفر بالله تعالى، انتكس إلى أحط الدركات، بل تصبح البهائم أرفع منه.
¥