ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[23 - 11 - 06, 01:51 م]ـ
ثانيا: الخطأ الواضح في آية قرآنية
من أوضح الدلائل عندي على أن ما اعتبره الشيخ نسخة أصلا، يستحيل أن يكون كذلك الخطأ الواضح الذي ورد فيها في آية من كتاب الله تعالى،وهذا سياقها (ص73): «وضع الله رسوله من دينه ورضيه وكتابه الموضع الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته، وأبان من فضيلته بما قرن من الإيمان برسوله من الإيمان به، فقال تبارك وتعالى:? فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ …إلى قوله … سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَد ? (النساء171)».
فصحح أحمد شاكر الآية بعد أن استفرغ الوسع أن يجدها كذلك في قراءة من القراءات، فكتبها على وجهها (فآمنوا بالله ورسله).ولكنها بهذه الصيغة تفقد وجه الدلالة، كما أفاده الشيخ، بل هي فاقدته ولو بالصيغة التي خطت بها، لأن المقصود بالكلام هو عيسى عليه السلام.
أقول وهذا من أوضح الأدلة على أن النسخة المذكورة ليست بخط الربيع، وتأكيد ذلك بما يلي:
1 - أن الشافعي هو ذلك الحافظ لكتاب الله القارئ له كما هو معلوم من سيرته، لم يكن ليخطئ في هذه الآية، نعم السهو جائز على كل واحد لكن هذا تأليف للشافعي راجعه نيفا وثلاثين مرة مع الربيع، فمثل هذا يجعلنا نبعد أن يكون الخطأ من الشافعي، بل ويجعلنا نقول ليس هو خطأ الربيع أيضا كما سيأتي. وليس الشافعي بذاك الحافظ لحروف الكتاب دون معانيه حتى يقع في مثل ما وصفت، بل كان من أهله العارفين به، وألف كتابا في أحكام القرآن -وكل هذا سبق في ترجمته-، فكيف يخطئ في الاستدلال على هذا النحو، نعم قد أخطأ الشافعي ولا شك في مواضع في أحكام واستدلالات، لكن مثل هذا الخطأ لا يمكن صدوره من إمام تلك صفته.
2 - إن هذا الخطأ لو صدر من الشافعي ثم فات الربيع أن يصلحه، لما سكت عنه المتربصون من خصوم الشافعي، الذين تتبعوا الأخطاء في كلامه وفي كلام المزني تلميذه، ونقموا عليه كلمات في العربية نسبوه فيها إلى اللحن، وانتقدوا عليه مذاهب رآها واستدلالات ذكرها نسبوه لأجلها إلى الشذوذ، وشنعوا عليه في غير موضع التشنيع، إذ كيف يتركون مثل هذا الأمر البين ويتعلقون بما هو أوهى من خيط العنكبوت. فلما رأيناهم لم يذكروه علمنا أمرين: أن النسخة كتبت في عصر متأخر عن عصر الشافعي، وأن المتداول من نسخ الرسالة لم يكن منقولا عن هذه النسخة.
3 - أن بعض العلماء قد نقل هذا الموضع من الرسالة وليس فيه هذا الخطأ، فالبيهقي نقله في دلائل النبوة (1/ 20) ()، ورسم الآية على النحو التالي ? فآمنوا بالله ورسوله ? على أن الآية هي الآية رقم 158 من سورة الأعراف، والبيهقي يروي الرسالة وغيرها من كتب الشافعي من طريق الأصم عن الربيع، والنسخة المتحدث عنها من رواية الحصائري عن الربيع، وكذلك الشيخ محمد أبو زهرة، قد نقل الاستدلال في كتابه الشافعي (ص195) فذكر آية الأعراف وأكملها:? فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون ? (الأعراف:158)، ولم يشر إلى خطأ، ولا أدري على أي النسخ المطبوعة اعتمد. كما لا أدري على أي وجه أثبتت الآية في النسخ الثلاثة المطبوعة ونسخة ابن جماعة، فإن الشيخ لم يزد على أن ذكر أنها جاءت في النسخ الثلاث بصيغة الإفراد.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[23 - 11 - 06, 01:52 م]ـ
ثالثا: التصحيحات الكثيرة المثبتة على هامش المخطوطة وبين الأسطر
إن هذه التصحيحات المثبتة على هامش المخطوطة وبين الأسطر إن كانت بخط ناسخها- أعني بالخط الذي نسخت به- ففي ذلك دلالة واضحة على أن كاتبها كان له أصل آخر نقل عنه، فليس هو الربيع ولا شك في هذه الحال، إن كانت بقلم الذين قابلوا نسخهم بهذه النسخة ففي هذا دلالة على أنهم عاملوها معاملة الفرع لا معاملة الأصل. فإن قيل فما المزية التي جعلتهم يقرؤون هذه النسخة ويقابلون بها ما دامت كذلك؟ قيل: هو قدم زمن نسخها نسبيا، إذ أول سماع دُوِّن بهامشها كان سنة (394)، مما يدل على أن نسخها كان قبل ذلك.
وموقف الشيخ أحمد شاكر من هذه التصويبات التي تجعلها منسجمة مع السياق، موافقة لسائر النسخ، هو الرد في كل مرة، بل يصفه في كثير من الأحيان بالعبث.
¥