وللقاضي العمراني أسانيد عالية سامية، فعلى سبيل المثال بينه وبين البخاري – صاحب الصحيح – ثلاثة عشر رجل، وهو يروي عن بعض مشائخه عن شيخ الإسلام القاضي محمد بن علي الشوكاني جميع ما حواه كتابه (إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر)، كما أنه يروي عن شيخه العلامة عبدالواسع الواسعي جميع ما تضمنه كتابه (الدر الفريد من المقروءات والمسموعات والمجازات عن علماء اليمن، وحضرموت، ومصر، والهند، والشام، وغيرها من الأقطار).
والقاضي محمد العمراني من المغرمين بعلوم الأهل السنة عموماً والحديث على وجه الخصوص، درساً وتدريساً , لذلك واجه كثيراً من المحن والمصائب في عهود التعصب المذهبي في مرحلة ما قبل الثورة السبتمبرية المباركة، ولولا أن قيض الله له من يدفع عنه الأذى لحصل له ما لا يحمد عقباه، فوقاه الله سيئات ما مكروا، وحاق بهم سيئات ما كانوا يعملون.
إسهاماته العلمية والدعوية:
لم يدخر القاضي محمد بن إسماعيل العمراني وسعه في بذل العلم لمن يحرص على تحصيله، وسلك في ذلك كل الوسائل الممكنة، التقليدية منها والحديثة، وتعد الحلقات العلمية المسجدية هي أفضل قنوات بذل العلم عنده، وكانت أولى حلقات العلم التي عقدها في مسجد الفليحي سنة 1359هـ، أي عندما كان عمره تسعة عشر عاماً، واستمر عطاءه فيه حتى سنة 1402هـ، وهي مدة تبلغ بضعة وعشرين سنة، إذ انتقل بعدها إلى جامع الزبيري في مدينة صنعاء قريباً من بيته الجديد.
أما التدريس الرسمي فقد خاضه القاضي العمراني منذ شبابه الأول، إذ انتدبه الإمام يحيى للتدريس في المدرسة العلمية، التي أنشئت لتكون أكبر صرح علمي في اليمن آنذاك، وكان القاضي أصغر عضو هيئة تدريس بها، ثم أنتخبته جامعة صنعاء مدرساً فيها عند إنشائها سنة 1390هـ، فدرس بها سنتين ثم تركها لما رأى أن عمله فيها يشغله عن الانتظام في حلقته العلمية المسجدية، ولما تأسس معهد القضاء العالي في عام 1402هـ كان هو أول مدرس يتم تعيينه فيه، وهو الآن مدرس الفقه في جامعة الإيمان بصنعاء منذ تأسيسها.
كانت الصحافة إحدى منابر العمراني منذ مرحلة ما قبل الثورة المباركة، وله عدد من البحوث والكتب التي ما زال أغلبها مخطوطاً، وهو على العموم قليل التأليف؛ لانشغاله بالتدريس، شأنه في ذلك شأن كثير من عظماء اليمن، الذين لم يأخذوا مكانتهم خارج بلدهم بسبب قلة نتاجهم المكتوب.
فتاوى القاضي العمراني تبث من إذاعة صنعاء منذ أكثر من خمسين عاماً، وفتاواه في المسائل تأتي على المذاهب الأربعة المشهورة، بل على المذاهب الخمسة على اعتبار أن الزيدية الهادوية مذهب لا فرقة، وهو ما جعل فتاواه محل رضا وقبول الجميع، والقاضي العمراني غالباً ما تندبه وزارة الأوقاف للسفر مع بعثة الحج اليمنية ليكون مفتي الحجيج ومرشدهم الأول في مناسكهم لأن طول الباع في الاطلاع على فقه جميع المذاهب صفة لا يتصف بها غيره على الساحة اليمنية.
وقد شغل القاضي العمراني عدداً من المناصب الرسمية مثل رئاسته لمكتب رفع المظالم إلى رئيس الجمهورية، وتم تعيينه في لجنة تقنين الشريعة الإسلامية بمجلس الشورى في مرحلة ما قبل والوحدة اليمنية سنة 1990م، ومواقفه مع ولاة الأمر تدل على خشيته لله، وأنه لا تأخذه في نصحهم لومة لائم، وله في المواقف الاجتماعية رصيد كبير، يعرفه من جاوره وعاشره، من التعاون النجدة والسعي في حل مشكلات كثير من الناس، والتوسط لدى المسؤولين في رفع الظلم على المظلومين وما في حكم ذلك من أعمال أخرى، وهو دائم التحذير من التفرقة، وينادي بأعلى صوته: (ألا إن من أوجب الواجبات في هذا العصر وحدة الصف والجماعة، وإن التفرقة من أقبح البدع وأشنعها).
وقد حاز القاضي محمد بن إسماعيل العمراني رضا غالبية الناس، فتجد في حلقة أطيافاً مختلفة من الناس، من شتى المذاهب والفرق والبلدان والطوائف، وكلهم معجب به، وبعلمه، وتواضعه، وإنصافه، واعتداله، ونشاطه، حبه للعم والمتعلمين.والشيخ الان مازال يدرس في جامعة الايمان رغم كبر سنه وفقه الله لكل خير.
[ CENTER]
حفظ الله شيخنا ومعلمنا القاضي العمراني، ووقاه كل سوء ومكروه، وأمده بالصحة والعافية، ومتعه بطاعته، ونفع الله به وبعلمه، وأطال من عمره، وجعل الله عمره عامراً بالخير، حافلاً بالعطاء، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
[ CENTER] وجزاكم الله خير.
وانتظرونا مع منـ يمنيه ـــــارات (2)
ـ[محمدحجازي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 08:11 م]ـ
عرض ممتاز وفقك الله.
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[16 - 08 - 10, 05:16 م]ـ
ارجو من الاخوان ان يرفعو لنا في المنتدى الصوتي شروح الشيخ حفظه الله غير التى رفعناها هنا
http://www.archive.org/search.php?query=creator%3A%22%D8%A7%D9%84%D8%B9%D 9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8 %B6%D9%8A+%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A8%D9%86+%D 8%A5%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84+%D8%A7%D9 %84%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%22