وقد أشرف الدكتور تمام حسان على عشرات الرسائل العلمية في عدد من الجامعات المصرية والعربية مثل: القاهرة والإسكندرية والخرطوم ومحمد الخامس ومحمد بن عبد الله بفاس والكويت وأم القرى والإمام محمد بن سعود واليرموك والمستنصرية. وقد أودع معظم هذه الرسائل نظريته اللغوية المعروفة بتضافر القرائن والتي يوجزها كتابه "اللغة العربية معناها ومبناها"؛ وهو ما أوجد بين تلاميذه مدرسة فكرية خاصة في حقل الدراسات اللغوية العربية، توسعت عبر أجيال جديدة من الباحثين والطلاب في كثير من الدول العربية.
ريادة في النقل
ينسب إلى تمام حسان الريادة في نقل النظريات اللغوية الحديثة إلى العالم العربي والإسلامي وتطبيقها على دراسة اللغة العربية؛ حيث درس مبكرا في أوربا وتتلمذ على أهم اللغويين الغربيين، مثل أستاذه المباشر العالم البريطاني "فيرث" صاحب نظرية السياق، وكان أول معالم مشروعه اللغوي تطبيق المناهج الغربية في دراسة الصوتيات على بعض اللهجات العربية، فنال الماجستير من جامعة لندن عن دراسته الصوتية للهجة مدينة الكرنك بمسقط رأسه (محافظة قنا)، كما نال الدكتوراة من الجامعة نفسها في دراسة صوتية أيضا للهجة مدينة عدن باليمن.
وفي رسالته للدكتوراة نراه يعيد سيرة علماء العربية الأوائل؛ حيث قضى 6 أشهر في عدن يجمع ويدرس لهجة أهلها كما كان يفعل اللغويون القدامى في دراستهم للغات البوادي والقبائل، كما كان أهم عالم عربي طبق "البنيوية" في دراسة اللغة العربية، وخاصة النحو العربي، وهو منهج يقوم على دراسة العلاقات بين الأشياء وليس الأشياء نفسها، وهو ما استفاد منه فيما بعد في بناء نظريته "القرائن اللغوية" وطورها لوضع نظرية جديدة لدراسة النحو العربي، كانت في الحقيقة أول نظرية لدراسة النحو العربي بعد سيبويه.
أوليات تمامية
وحين يذكر تمام حسان تستدعي أوليات نسبت إليه؛ فهو أول من استنبط موازين التنغيم وقواعد النبر في اللغة العربية؛ حيث لم تكن مدروسة قبله وكانت تدرس فقط في اللغات الأجنبية الرئيسية، وقد أنجز ذلك في أثناء عمله في الماجستير والدكتوراة وشرحه في كتابه "مناهج البحث في اللغة" عام 1955.
وهو أول عالم لغوي في العالم يدرس "المعجم" باعتباره نظاما لغويا متكاملا تربطه علاقات محددة وليس مجموعة مفردات أو كلمات كما كان المستقر عالميا؛ فهو الذي نبه إلى فكرة النظام اللغوي للمعجم، وأن هناك كلمات تفرض الكلمات التي تستعمل معها؛ فهناك أفعال لا بد لها من فاعل وأخرى لا بد أن يكون فاعلها عاقلا.
وهو أول عالم لغوي عربي يخالف البصريين والكوفيين في دراسة الاشتقاق حين اقترح "فاء الكلمة وعينها ولامها"، كأصل للاشتقاق في حين كان أصل الاشتقاق عند البصرة "المصدر"، وأصله عند الكوفة "الفعل الماضي".
وهو أول من أعاد تقسيم الكلام العربي على أساس المبنى والمعنى رافضا التقسيم الثلاثي (اسم، فعل، حرف)، وجعل التقسيم سباعيا (اسم، فعل، صفة، ظرف، ضمير، خالفة، حرف) بحسب السلوك النحوي الخاص بكل قسم.
وكان أول من فرّق بين الزمن النحوي والزمن الصرفي، فقال بالزمن الصرفي الذي هو وظيفة الصيغة المفردة من دون جملة (ماض، مضارع، أمر) والزمن النحوي الذي يختلف عنه وقد يخالفه، مثلما هو الحال في قوله تعالى {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ... } فهو زمن مضارع صرفيا لكنه ماض نحويا.
كما كان تمام حسان من أكثر علماء العربية الذي سعوا إلى التضييق على فكرة الشذوذ والندرة وعدم القياس التي اعتادها النحويون، والتي تهدر ميراثا لغويا وتؤدي إلى جمود اللغة؛ فقال بالترخص في القرائن المبنية على تضافر القرائن في إيضاح المعنى وزيادة بعضها عن الحاجة إلى الإفادة، كما كشف عن نوع من الاستعمال يخالف القواعد ولكنه يقاس عليه، وأطلق عليه اسم الأسلوب العدولي.
تكريم وشهرة ناقصة
ورغم كثرة أوليات تمام حسان، فإن محصوله من التكريم والشهرة قليل بما لا يوازي ما ناله تلامذته، فسجله من التكريم يقول إنه حصل في عام 1972على الجائزة الأولى في مسابقة مكتب تنسيق التعريب بالرباط، وحصل على جائزة آل بصير الدولية عام 1984، وحصل على جائزة صدام للآداب عام 1987 .. إلى أن كرم أخيرا بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية في العام المنصرم 2005.
والدكتور تمام حسان (أبو هانئ) تشرف به الجوائز قبل أن يشرف بها، وهي سعت إليه ولم يسع إليها بل ظل عاكفا في محراب علمه مستصغرا ما دونه، ويكفي مصداقا لذلك أنه لا يكاد يظهر في الحياة العامة إلا نادرا ولا تكاد تعرف كاميرات التليفزيون طريقها إليه.
وللاستزادة حول جهود الدكتور تمام حسان ومشروعه الفكري:
* "العربية وعلم اللغة البنيوي: دراسة في الفكر اللغوي العربي الحديث" - للدكتور حلمي خليل- دار المعرفة الجامعية.
* والكتاب التذكاري الصادر عن الدكتور تمام حسان- مكتبة عالم الكتب.
http://www.islamonline.net/arabic/famous/2006/01/article05.SHTML
¥