تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(إكمال المعلم): مؤلفه أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصَبي أو اليحصِبي، وقد يقال: بضمها أيضاً، السَّبتي أو السبِّتي، كما يقال: البَصري والبِصري؛ لكن الفتح أشهر، المالكي القاضي المتوفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ألفه القاضي عياض إكمالاً لكتاب المعلم، هذا الكتاب ألفه القاضي -رحمه الله تعالى- تكميلاً لكتاب المعلم للمازري تلبيةً أيضاً لرغبة كثيرٍ من تلاميذه الذين لمسوا من درسه في الصحيح الفوائد الجمة والزيادات المهمة، التمس منه الطلبة أثناء تدريسه لصحيح مسلم أن يشرح الكتاب شرحاً مستقلاً نظراً لكثرة ما يبديه لهم ويذكره من الفوائد والشوارد والنفائس، التمسوا منه ذلك فاعتذر أولاً لانشغاله بالقضاء، ثم لما ترك القضاء اتجه إلى التأليف، في البداية قد عزم على تأليف كتاب مستقل في شرح مسلم؛ لكنه رأى أن من العدل والإنصاف لسابقيه أن يجعل الكتاب مكملاً للنقص الكثير الوارد في المعلم مع اعتماده أيضاً على تقييد المهمل للجياني، لا شك أن الاعتراف بالسابق أمر مهم ينبغي أن يربى عليه الطلبة، فإذا كان هذا من مثل القاضي عياض الذي يستطيع أن يؤلف ابتداءً مثل ما كتبه تبعاً أو أفضل إلا أنه من باب الاعتراف للسابقين، يعني الإنسان يأنف أن يتعلق بأذيال غيره، بل يكتب ابتداءً، لكن الحافظ ابن حجر أكثر مصنفاته تبعاً لغيره، مع إمامته، إما أن يختصر كتاب أو يعلق عليه أو ينكت عليه، هذا من باب الاعتراف، والسبق له وزنه عند أهل العلم، في مطلع الألفية لما تكلم عن ألفية ابن معطي الإمام ابن مالك وأن ألفيته فائقة ألفية ابن معطي قال:

وهو بسبقٍ حائز تفضيلا

مستوجب ثنائي الجميلا

السبق لا شك أن السابق له فضل على اللاحق، له فضل كبير على اللاحق، الذي فتح له الأبواب، والكلام في هذا طويل، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لما سئل الشيخ محمد رشيد رضا عن شيخ الإسلام وهل هو أعلم من الأئمة الأربعة أو دونهم قال: "شيخ الإسلام تخرج على كتب الأئمة الأربعة وكتب أتباعهم، فلهم الفضل عليه من هذه الحيثية، ولكونهم -رحمه الله- أحاط بما كتبوه، ولما كتبه أتباعهم فهو أوسع منهم من هذه الجهة".

المقصود أن السابق له الفضل على اللاحق، والإنسان لا يولد متعلم، إنما يستفيد ممن سبقه، القاضي عياض في كتابه شرح المقدمة شرحاً وافياً، وشرح أيضاً ما لم يتعرض إليه المازري، المازري من متون الأحاديث ببيان المعاني وضبط الألفاظ، واستنباط الأحكام والفوائد وبيان الغامض، وأكمل ما قصر فيه المازري من كلام على بعض الرجال والأسانيد والعلل، ووضح أيضاً كلام المازري والجياني, واستدرك, وصحح عند الحاجة، الكتاب ككثيرٍ من الشروح، شرْح مصدر بالقول، يورد ما يريد أن يشرحه من الصحيح بعد كلمة قوله، كما هو الشأن في كثير من الشروح، ومن ذلكم فتح الباري وغيره.

في مقدمة الكتاب ذكر القاضي عياض -رحمه الله- السبب الباعث على التأليف، وأنه اعتمد على كتاب المازري وكتاب (تقييد المهمل) لأبي علي الجياني، ثم ذكر أسانيده التي يروي بها صحيح مسلم، ثم بدأ ينقل ما في المعلم مع تعقيبه وتتميمه وتكميله لكلامه، ويلقب المازري بالإمام فإذا قال القاضي عياض: قال الإمام فمراده المازري، يشير إلى صحيح مسلم بلفظ الأم، فيقول: "ذكر في الأم أو جاء في الأم كلام" وإن كان يوهم أنه الأم للشافعي؛ لكن الأم واحدة الأمهات نعم، ومستفيض عند أهل العلم أن الكتب الستة يقال لها: الأمهات الست، فلا نستغرب أن يقال لصحيح مسلم: الأم، نعم بلفظ المفرد استعمال نادر لكن المجموع استعمال شائع يقال: الأمهات الست، هذا معروف عند أهل العلم، لكن لكتابٍ واحد يقال له: الأم، هذا غريب، وهو ملبس أيضاً حيث أن للإمام الشافعي كتاباً اسمه الأم.

وقول الناس: (الأمهات) الذي يراه بعض أهل التحقيق أن جمع أم في غير بني آدم بدون هاء، في بني آدم يقال: (أمهات)، وبذلك جاء القرآن والنصوص، في غير بني آدم يقول: (أمات) دون هاء، ثم ساق ترجمةً مختصرةً في عيون من أخبار الإمام مسلم، وبيان فضل كتابه وقيمته، وثناء الأئمة عليه، ثم شرح المقدمة، ثم بدأ بشرح كتاب الإيمان، ثم الطهارة وهكذا إلى آخر الصحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير