تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقاضي عياض -رحمه الله تعالى- لا يسوق متن الصحيح كامل، كما هي عادة غالب الشراح، وإنما يورد منه ما يريد شرحه فقط، الطبعات الجديدة تورد الصحيح كامل، وهو أيضاً لا يضع تراجم للأبواب، ما التزم أن يترجم لجميع الأبواب، وإنما أحياناً إذا كان الحديث طويلاً قال: باب حديث كذا، أو ذكْر حديث كذا، ذكْر حديث الإسراء، ذكْر حديث التيمم، وما أشبه ذلك، إذا كان الحديث طويلاً، إنما التزام جميع التراجم كما فعل النووي أو غيره لا.

طريقته في الشرح أن يجمع في شرح الحديث بين طريقة الشرح بالمأثور، فيبين المراد من الحديث، ويذكر ما له علاقة به من آيةٍ أو حديث آخر أو ما أشبه ذلك، ويذكر ما يروى في ذلك عن السلف الصالح، فقد اعتمد أساساً في بيان المعاني على الكتاب والسنة والآثار ولغة العرب، كما أنه استفاد من الشراح السابقين كابن عبد البر في التمهيد، والمهلب في شرح البخاري، والخطابي في معالم السنن، والباجي في المنتقى، والداودي في شرح البخاري، وغير ذلك، هذه من أهم مصادر القاضي عياض في شرحه، على أن القاضي عياض -رحمه الله- لم يكن مجرد ناقل، بل كان ناقداً بصيراً ممحصاً خبيراً، فكثيراً ما يتعقب غيره بإصلاح الغلط، وبيان الوهم، القاضي -رحمه الله تعالى- مالكي المذهب كما هو معروف، غالباً ما يرجح مذهب الإمام مالك، لكنه يخرج عنه ويرجح غيره إذا كان الدليل بخلاف ما رآه الإمام مالك، وهذا من إنصافه -رحمه الله-.

بالنسبة لمسائل الاعتقاد قاسم يشترك فيه المازري والقاضي عياض والأُبي والسنوسي وأيضاً النووي كلهم يشتركون على تقييد مسائل الأسماء والصفات، أو الأسماء والصفات على مذهب الأشاعرة كلهم، قبل ما نذكر شيء من هذه الصفات هنا مسألة في صدر الصحيح، الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- يقول: "وظننت حين سألتني تجشّم ذلك أن لو زعم لي عليه، وقضي لي تمامه، كان أول من يصيب نفعُ ذلك إياي خاصةً" يعني أول من يستفيد المؤلف في التأليف، أول من يستفيد المعلم في التعليم، هذا معنى كلامه، لكن ما معنى عزم لي؟ والفعل مبني للمجهول من فاعله؟ يقول القاضي عياض: "قال الإمام -يقصد المازري- لا يُظن بمسلم -يعني بالإمام مسلم- أنه أراد لو عزم الله لي عليه؛ لأن إرادة الله لا تسمى عزماً، ولعله أراد: لو سهّل لي سبيل العزم، أو خلق فيّ قدرة عليه" هذا كلام المازري، القاضي عياض قال: "قد جاء هذا اللفظ في الكتاب من كلام أم سلمة -في الكتاب الذي هو الأم صحيح مسلم- من كلام أم سلمة في كتاب الجنائز قالت: ثم عزم الله لي فقلتها" يعني إذا كان المبني للمجهول محتمل، فمثل هذا لا يحتمل شيء، العازم هو الله -سبحانه وتعالى-.

يقول: "أصل العزم القوة، ويكون بمعنى الصبر، وتوطين النفس وحملها على الشيء، والمعنى متقارب، ومنه قوله -عز وجل-: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [(35) سورة الأحقاف] .. الخ، المقصود أن صفة العزم لله -سبحانه وتعالى- كلهم ينفونها عن الله -سبحانه وتعالى- بما في ذلكم النووي، وهذه الخلاف فيها أمر يسير، أمره يسير؛ لأنه ما ثبت شيء مرفوع، لا من الكتاب ولا من السنة في إثبات صفة العزم؛ لكن أقوى ما فيه قول أم سلمة "ثم عزم الله لي فقلتها".

ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- ذكر أن لأهل السنة في هذه المسألة في إثبات صفة العزم ونفيها قولان، لكنه رجّح إثبات صفة العزم لله -سبحانه وتعالى-.

طالب: طريقة القاضي عياض لما يذكر كلام المازري ثم يكمل عليه، يعني هل إكمال المعلم يتضمن كتاب المعلم .. ؟

غالباً غالباً، قد يقول إلى آخره، وحينئذ فلا يستغنى عن كتاب المازري، قد يقول إلى آخره، قال الإمام كذا .. إلى آخره، فالخلاف في مثل هذه يسير؛ لكن في مثل تأويل صفة الضحك، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يزال يدعو)) يعني آخر الناس دخولاً للجنة يقول في الحديث في صحيح مسلم: ((لا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال: ادخل الجنة)) قال الإمام: "الضحك من الله -سبحانه وتعالى- محمول على إظهار الرضا والقبول، إذ هو في البشر علامة على ذلك، ويقال: ضحكت الأرض إذا ظهر نباتها، وفي بعض الحديث: ((فيبعث الله سحاباً فيضحك أحسن الضحك)) فجعل انجلاءه عن البرق ضحكاً على الاستعارة، كأنه تعالى لما أظهر له رحمته استعير له اسم الضحك مجازاً" هذا في الجزء الأول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير