وإن كان لا يفيد إلا الظن، وكونه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم خلافاً لمن يقول: أنه يفيد القطع مطلقاً؛ لكن هذا القول مرجوح بلا شك، أو كونه يفيد الظن مطلقاً كذلك.
ثم ذكر مراد الإمام مسلم في تقسيمه للأحاديث إلى ثلاثة أقسام أحاديث صحيحة، وبيان مراتب الرواة عنده، ثم ذكر بعض المسائل الاصطلاحية كالصحيح والحسن والضعيف والمرفوع والموقوف وزيادات الثقاة والتدليس والاعتبار والمتابعات والشواهد والاختلاط والناسخ والمنسوخ ومعرفة الصحابة والتابعين ورواية الحديث بالمعنى وغير ذلك.
وهذا الشرح على اختصاره لا شك أنه عظيم النفع، جمّ الفوائد، لا يستغني عنه طالب علم؛ لإمامة مؤلفه وحسن انتقائه وجمعه وتنبيهاته العجيبة ولطائفه النفيسة، الحافظ ابن حجر له نكت على هذا الشرح، والشرح لا شك أنه قابل للتنكيت، قابل للحاشية، يعني تبسط مسائله وتوضح، والمؤلف -رحمه الله تعالى- شافعي المذهب، يرجح مذهب الشافعي غالباً، وينتصر له، وقد يرجح غيره لا سيما إذا قوي دليل المخالف، وهذا من إنصافه، أما في مسائل الاعتقاد فهو على ما تقدم في سوابقه أنه يقرر مذهب الأشاعرة في الصفات، ولا يسلك مسلك السلف في إمرارها كما جاءت، وهذا لا شك أنه قدح في الكتاب لكنه يستفاد من الكتاب بقدر ما فيه من فوائد، ويعرض عما فيه أو يعلق لو تيسر من يعلق على جميع الكتاب فيما يخالف فيه المنهج الصالح، وأما الإعراض بالكلية عن الكتاب هذا ليس بمنهجٍ سليم، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- اعتذر عمن هذا مسلكه في مجموع الفتاوى بأعذار كثيرة، حتى أنه اعتذر عمن يظن كثير من طلبة العلم أنه يحرف النصوص، يعني مثلاً فرق بين النووي في تأويله مسائل الصفات مع ما نعرفه عنه من حسن القصد، وبين ما يسلكه الرازي في تفسيره من تأصيله وتقريره وتقعيده، فهو مجتهد مذهب، مجتهد عند الأشاعرة، يقرر هذا المذهب بقوة، ويدافع عنه ويناضل، ويرمي من يخالفه بالعظائم، يعني في تفسير الرازي، في تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(11) سورة الشورى] يقول: "وصنف محمد بن إسحاق -بعد أن رماه بأبشع الألفاظ يعني ابن خزيمة- كتاباً سماه كتاب التوحيد، والأولى أن يسمى كتاب الشرك".
يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "أن الناس يشكون في صدق نيته، والذي يغلب على الظن أنه يعمل بما بلغه، وفهمه من النصوص" كلام شيخ الإسلام يعني إذا كان يقال مثل هذا الكلام في الرازي وصنيعه مثلما سمعتم؟ فكيف بمثل ابن حجر والنووي وغيرهم ممن عرف حسن مقصده، وسلامة منهجه في اتباعه للسنة، وعنايته بها؟.
ولا شك أن الكلام على صحيح مسلم وشروحه يحتاج إلى شيءٍ من البسط، وشيء من الزيادة؛ لكن الوقت لا يحتمل أكثر من ذلك، وغداً -إن شاء الله تعالى- نعرض باختصار لشروح سنن أبي داود والنسائي، وبعده لشروح الترمذي وابن ماجه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبيدة الناقد]ــــــــ[17 - 10 - 09, 06:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ولكن من المهلب المذكور في كلام الشيخ الخضير هنا؟!
كما أنه استفاد من الشراح السابقين كابن عبد البر في التمهيد، والمهلب في شرح البخاري
وأيضا يذكره ابن بطال كثيرا وغيره من الشراح فهل من ترجمة له؟ وهل شرحه للبخاري هذا موجود؟ وهل له كتب مطبوعة؟
أرجو الإفادة بأي معلومات عنه
وشكرا
ـ[معز الأسود]ــــــــ[17 - 10 - 09, 07:51 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المهلب بن أحمد بن أسيد الأسدي بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي الأندلسي
و شرحه على البخاري إسمه الكوكب الساري في شرح صحيح البخاري
لا أعلم له طبعة و هنا مخطوط له http://www.wadod.com/bookshelf/book/718
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[17 - 10 - 09, 09:57 م]ـ
المفهم وشرح النووي كلاهما لايغني احدهما عن الآخر
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:45 م]ـ
شروح القرطبي و النووي و الاثيوبي على مسلم هي الأفضل
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:55 م]ـ
لا تنسى فتح الملهم و تكملته فهو شرح ممتاز
ـ[أبو يوسف الحلبي]ــــــــ[20 - 12 - 09, 09:59 ص]ـ
للرفع، رغبة في الاستزادة من الآراء.
ـ[عبد الرزاق ابن حسين]ــــــــ[20 - 12 - 09, 04:25 م]ـ
هل من احد يفيدنا حول شرح الهرري الذي صدر حديثا، و هو يقع في 26 مجلدا
ـ[إبراهيم الأبياري]ــــــــ[20 - 12 - 09, 07:48 م]ـ
ملحوظة:
قال ابن قاضي شهبة في ترجمة ابن الصلاح:
وشرح قطعة من صحيح مسلم، اعتمدها النووي في شرحه، وعند فراغها قل عمله. اهـ طبقات الشافعية (2/ 146).
رحم الله الجميع.