تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بطلان نسبة كتاب (تنبيه الرجل العاقل) لابن تيمية]

ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[15 - 03 - 07, 11:31 ص]ـ

(منقول)

تنبيه الغافل

إلى عدم صحة نسبة الكتاب المطبوع باسم:

«تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل»

لشيخ الإسلام ابن تيمية?

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من بعثه اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فكم يفرح صاحب السنة حينما يسمعُ أن كتاباً من كُتب أئمة السنة عثر عليه بعد فُقدانه، أو وُجِدَ بعدَ طول بحث، أو حتى نُشِرَ بعدَ طُولِ عَنَاءٍ مِن محققه والمعتني به في تحقيقه والعناية به، كيف لا وهم صِلتُنَا بمنهج سلفنا الصالح، لا سيما من عُرِف منهم بطول الباع في العلم، وكانت كتبه حلاً لكثير من الإشكالات، ودفعاً لكثير من البدع والضلالات كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. ولستُ ههنا لأترجم له -رحمه الله - أو أثني عليه وهو الذي بارك الله في علومه في قرون متفاوتة، أمَّا مِنَنُ عوارفهِ فهي غَزِيرة، لا أستطيع لها حصراً، ولا أقدِر أن أحصيها سبراً.

وقد كان أهل العلم في غابر الزمان يتباشرون بوجود نسخ من كتبه في مكتبة مَا أو عند فلان من الناس، بل وحتى في هذا الزمن قبل هذه الطفرة العلمية والمعلوماتية كانوا يتباشرون بأن الكتاب الفلاني لابن تيمية سيُنشر، وإن لم يستطيعوا نشره استأجروا من ينسخه لهم (1).

ومن الكتب المهمة التي لا تزال مفقودة والتي حرص على اقتنائها العلماء وطلاب العلم كتاب: «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» لشيخ الإسلام ابن تيمية والذي قال فيه ابن عبدالهادي في العقود الدرية (29): «وهو مِن أحسَن الكُتب وأكثرها فوائد». ثم ذكر خطبته التي تَدُلُّ على نَفَاسَتِهِ.

وقبلَ فترةٍ -ليست باليسيرة- ظَهَرَ إعلانٌ عن العثور على هذا الكتاب، ثم تبِعَهُ الاشتغال بتحقيقه فَفَرِحَ أهلُ العلم ومحبو تراث هذا الجبل بهذه البُشْرَى، وما هي إلا فترة -ليست باليسيرة- حتى ظَهَرَ الكِتَابُ في دار عالم الفوائد المكيّة بتحقيق محمد عزير شمس، وعلي بن محمد العمران في مجلدين يقعان في (868) مع المقدمة والفهارس. وسَارَعْتُ لاقتنائه لطول انتظاري له ولكن انطفأت حرارة الشوق لهذا الكتاب بمجرد وقوعه بين يَدَي ونظري فيه! وذلك أن محقّقي الكتاب لم يَذْكُرَا ولو دليلاً واحداً على صحة نسبة هذا الكتاب الذي بين أيدينا لابن تيمية!! وأن هذه النسخة الخطيّة التي عَثَرَ عليها أحدُهُمَا هي كتاب «تنبيه الرجل العاقل»، وكلّ ما عِندَهما هو مُجَرَّدُ قَرَائن لا تَرْتَقي لئن تكون دليلاً، بل حتى هذه القرائن لا نُسَلّمُ لهما بها، فإنَّ من الأمور المهمة لدى الباحثين في مجال دراسة المخطوطات وتحقيق الكتب إثبات نسبة الرسالة المراد تحقيقها إلى مؤلفها بأدلة قاطِعة لا ظنيّة، والعناية بهذا الأمر، ولهم في ذلك طرق شتى مبسوطة في مظانها (2).

والكتاب الذي بينَ أيدينا شأنه غريب: فليسَ له إلاَّ نسخة خطية واحدة -كما ذكر المحققان-، وهذه النسخة الخطية ذهب أولها، وبالتالي لا يوجد عليها اسم الكتاب واسم مؤلِّفه، وقد نسبها صاحب الفهرس إلى ابن عقيل خطأً؟؛ لأنَّ ابن عقيل توفي سنة (513هـ) والمؤلف يناقش كتاب النسفي المتوفى سنة (687هـ)! واستنتج المحققان من بعض القرائن أنها لشيخ الإسلام ابن تيمية!! وسيأتي ذِكْرُ هذه القرائن والإجابة عنها بما تيسَّر.

ثمَّ لَمَّا تأمّلتُ الكتابَ تَبَيَّنَ لي - بما لا يَدَعُ مجالاً للشكّ - أَنَّ الكتاب يحتاجُ إلى إعادةِ النّظر في نِسْبَتِهِ لشيخ الإسلام، وسأُبْدِي أسباب التشكيك في صحة نسبته لابن تيمية ثم أذكر قرائنهم وأجيب عنها بما تيسَّر؛ وأسباب التشيك هي:

أولاً: عنوان الرسالة هو: «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» فظاهره أنه بيانٌ لحقيقة الجدل الباطل ونقضٌ له وهو يخالف مَضمُون الكتاب المطبوع، لأنه شرحٌ لكتاب «الفصول في الجدل» لبرهان الدين النَّسفي الحنفي «شيخ الفلسفة ببغداد» كما قال الحافظ الذهبي (3)، وفي هذا الشرح تعقَّبَهُ في أشياء ووافقه في أخرى كشأن شروحات المتون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير