تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما بعد , فقد صنف الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى رسالة مختصرة نافعة في حكم طلاق الغضبان , سماها: «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان» , وتولى طبعها أول مرة الشيخ العلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله سنة 1327 , عن نسخة فريدة كانت بخزانته ثم آلت إلى مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض , ثم توالت طبعات الرسالة , وكان من آخرها طبعتان: إحداهما بتحقيق عمر الحفيان , وصدرت عن مؤسسة الرسالة , والأخرى بتحقيقي وإشراف الشيخ العلامة بكر أبو زيد ومراجعة الشيخين: سليمان العمير وجديع الجديع , وصدرت عن دار عالم الفوائد.

وقد كتب الأخ الحفيان مقالاً في عدد (الربيعان – الجماديان 1426 هـ) من المجلة بعنوان: «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان – بين تحقيقين» , اتهمني فيه بسرقة تحقيقه للرسالة «بقضه وقضيضه».

واحتج لهذا البهت والافتراء بثلاثة أمور:

1 - استحالة وقوفي على مخطوط الرسالة (المحفوظ بمكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض!) , وعلى تعليقات الشيخ ابن مانع على نسخته (المحفوظة أيضًا بمكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض!) دون أن يكون ذلك من نفحات يده.

2 - الاشتراك في ذكر (بعض) المعلومات في مقدمة التحقيق.

3 - الاشتراك في التنبه إلى (بعض) التحريفات الواقعة في المخطوط.

هذا حاصل ثرثرة طويلة بلغت خمسًا وعشرين صفحة هي عدد صفحات مقاله الذي لو طُبِع على ورقٍ من القطع المتوسط لزادت صفحاته على صفحات الرسالة التي أنشأ من أجلها مقاله!

ولولا أنه استطال في مقاله هذا , وتعالم ما شاء له أن يتعالم , وملأه بألوان من التكذُّب والتخرص , وتجلَّد في ذلك غاية الجلادة , وكان افتراؤه ذاك يطال نفرًا كرامًا ممن شارك في طبعتي إشرافًا ومراجعةً ونشرًا = لما تكلفتُ الردَّ عليه , ولكان الإعراضُ عنه خير جواب.

وقد رأيت أن أمحق أحموقته هذه , وأبدِّد خيالاته تلك التي بنى عليها بهته وافتراءه , وأفيقه من غفلته التي طالت وآن له أن يفيق , بكلماتٍ موجزة , من وجهين: مجمل ومفصل.

أما الوجه المجمل فأوجزه فيما يلي:

أولاً: لقد فرغت من تحقيق الرسالة على أصلها الخطِّي في شهر رجب من سنة 1424 , وراجعها الشيخان الفاضلان: الدكتور سليمان العمير الأستاذ بالجامعة الإسلامية , والشيخ جديع الجديع الباحث في الإفتاء , في شهر شعبان من السنة نفسها , أي قبل أن تولد طبعة الحفيان بنحو خمسة أشهر , وأشرف عليها الشيخ العلامة بكر أبو زيد حفظه الله منذ ابتداء العمل فيها وتصوير المخطوط إلى قراءته لها وإجازتها بعد الفراغ منها , وهؤلاء الكرام عدولٌ لا يحتاجون إلى توثيق , شهودٌ على ما أقول , وإنما تأخرت طباعة الرسالة قليلاً لأنها ضمن مجموع رسائل ابن القيم التي طبعت معًا في مجلد واحد.

ثانيًا: أما مخطوط الرسالة فقد صوره الأخ الفاضل الشيخ البحاثة علي بن محمد العمران من مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض في مطلع سنة 1424 , بعد أن استدل عليه بمقال كتبه الأستاذ عبد الله المنيف مدير قسم المخطوطات والنوادر في نشرة أخبار المكتبة (العدد 25 , المحرم 1423 , ص: 18 – 19) , وفيه وصفٌ للمجموع المشتمل على الرسالة وتعريف بمحتوياته , ثم زاد في إفضاله فنسخ لي بخطه تعليقات الشيخ ابن مانع على الرسالة بعد أن وقف عليها بمكتبة الشيخ الخاصة المحفوظة في مكتبة الملك فهد , وكل ذلك قبل أن تولد طبعة الحفيان بأشهر عديدة , والأستاذ المنيف شاهدٌ على الأمرين , متذكرٌ لهما.

وقد كانت مصورة مخطوط الرسالة بين يدي المراجعَيْن الفاضلين حين مراجعتهما لعملي , وانتفعت بمراجعتهما في بعض القراءات.

فهذا مخطوطٌ معروفٌ مدلولٌ عليه في نشرة أخبار المكتبة منذ مطلع سنة 1423 , لم يكتشفه الحفيان حتى يُنْسَب الفضل إليه , ولا وقع عليه في خزائن ما وراء النهر لتجب الإحالة عليه! وكما صوَّره مدير قسم المخطوطات له فقد صوَّره لغيره , وما شأني وشأن القراء بعد هذا بسنواته التي زعم أنه قضاها في البحث عنه حتى وجده في المكتبة؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير