وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شاباً ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب.
وأني أحمد الله، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة بعضهم بدافع الدين، وبعضهم بدافع التعصب القبلي، ولولا الله ثم هم لما أبقي لنا أعداء الدعوة خصوصاً شيعة صعدة عيناً ولا أثراً.
وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً:
منها: مضاربة شديدة في جامع الهادي، بسبب صدي عن الدعوة فيه، قيام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله علي أيديهم، وكان الشيعة يريدون القضاء علي، وكان ذلك في زمن الرئيس (إبراهيم الحمدي) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحد عشر يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً، ويدخل إلي المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين، وأخرجونا من السجن، والحمد لله.
ومنها: أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلي دماج فيطردهم أهل دماج وهم صاغرون.
ومنها: الرحلات، فإذا قلت: نريد رحلة. تنافسوا حفظهم الله في رفقتي والمحافظة علي فربما نخرج في بعض الرحلات في قدر خمس عشر سيارة.
وفي هذه الأيام الدعوة ماشية علي أحسن ما يرام لأني بحمد الله قد كبرت، ولعلي أبلغ من العمر نحو اثنتين وستين سنة، فالتجارب ونصائح محبي الدعوة تدفعاني علي الرفق وعدم مجاراة الأعداء الذين ليس لهم إلا السباب والشتائم) خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين (،) سلم عليكم لا نبتغي الجهلين (.
وأيضاً الشغل بالتعليم والتأليف والدعوة لم يبق لي وقتاً لمجاراة أولئك، فليقولوا ما شاءوا فذنوبي كثيرة عسي أن يخفوا عني ويحملوا من أوزاري، ولله در منقال:
ما سلم الله من بريته * ولا نبي الهدي فكيف أنا
دراستي ومشايخي:
درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم، لأنه ما كان هنالك من يرغب أو يساعد علي طلب العلم، وكنت محباً لطلب العلم، وطلبت العلم في (جامع الهادي) فلم أساعد علي طلب العلم، وبعد زمن اعتربت إلي أرض الحرمين ونجد، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها؟ فأرشد إلي ” صحيح البخاري ”، و”بلوغ المرام ”، و ” رياض الصالحين ”، و ” فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ”، وأعطانب نسيخات من مقررات التوحيد، وكنت حارساً في عمارة في الحجون بمكة، فعكفت علي تلك الكتب، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا علي خلاف ما فيها، خصوصاً ” فتح المجيد ”.
وبعد مدة من الزمن رجعت إلي بلدي أنكر كل ما رأيته يخالف ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله، وبناء القباب علي الأموات، ونداء الأموات، فبلغ الشيعة ذلك، فأنكروا ما أنا عليه فقائل يقول منهم: من بدل دينه فاقتلوه، ولآخر يرسل إلي أقربائي ويقول: إن لم تمنعوه فسنسجنه، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني (جامع الهادي) من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي، ويدندن بعضهم بقول الشاعر:
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلباً خالياً فتمكنا
وبعد ذلك دخلت للدراسة عندهم في جامع الهادي، ومدير الدراسة القاضي (مطهر حنش)، فدرست في ” العقد الثمين ”، وفي ” الثلاثين المسألة وشرحها ” لحابس، ومن الذين درسونا فيها (محمد بن حسن المتميز) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة، وأنا أكتم عقيدتي، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاة وأرسلت يدي، ودرسنا في ” متن الأزهار ” إلي النكاح مفهوماً ومنطوقاً، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه.
¥