ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل (جهيمان) فقبض علي مجموعة منا، وعند التحقيق قالوا لي: أنت الذي كتبتها، جهيمان لا يستطيع أن يكتب. فنفيت ذلك والله يعلم أني لم أكتبها ولم أشارك فيها، وبعد سجن ثلاثة أشهر أمر بترحيل الغرباء.
ولما وصلت إلي اليمن عدت إلي قريتي ومكثت بها أعلم الأولاد القرآن، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا علي، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم، وأنا آنذاك لا أعرف مسئولاً ولا شيخ قبيلة، فأقول: حسبي الله ونعم الوكيل، وإذا ضقت ذهبت إلي صنعاء أو إلي حاشد، أو إلي ذمار، وهكذا إلي تعز، وإب، والحديدة، دعوة وزيارة للإخوان في الله.
وبعد أيام أخرج بعض فاعلي الخير مكتبتي من المدينة، فطلب منه خمسمائة ريال سعودى في مركز (كدم)، وكان المسئول عنه (المشرقي) فأبي، يظنها رشوة، وهو لا يدرى أنها رشوة في حقهم، وأما هو فليست برشوة، لأن الرشوة ما أعطي لإحقاق باطل، أو لإبطال حق.
فأرسلوا بالكتب أصحابنا فقال: إن شاء الله بعد الظهر، وما جاء بعد الظهر إلا وقد حرك الشيعة، فطلبوا من المسئولين توقيفها لأنها كتب وهابية. ولا تسأل عن الغرامة المالية، والمتاعب، والضيم التي حصلت لي.إخوان بذلوا جهوداً في متابعة ذلك، كثير من أهل بلدي، (الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر)، (الشيخ هزاع ضبعان)، المسئولون في مكتب التوجيه والإرشاد منهم القاضي (يحي الفسيل) رحمه الله، الأخ (عائض بن علي مسمار)، وبعد متاعب طويلة أبرق أهل صعدة إلي الرئيس (علي بن عبد الله بن صالح) فأحال القضية إلي القاضي (علي السمان) فأرسل إلي القاضي ووعد أنه سيسلم المكتبة وقال: إن أهل صعدة متشددون، فهم يكفرون علماء صنعاء. فطلبت المكتبة إلي صنعاء، وقدر أن وصلت الكتب والقاضي (علي السمان) في بعثه إلي الخارج، فذهب الإخوة إلي المسئول في وزارة الأوقاف فقال لهم: إنها مصاطرة – بالطاء -. وتحرك بعض إخواننا في الله من مكتب التوجيه والإرشاد وذهبوا واستلموها، وقالوا: هي من اختصاصنا، فنحن ننظرها فما كان صالحاً سلمناه للوادعي، وما كان يخل بالدين أبقيناه عندنا، وبما أنهم يعرفون أنها كتب دينية محضة فقد سلموها لي من غير تفتيش، فجزاهم الله خيراص، فأخذتها إلي البلاد والحمد لله، وقام أقربائي جزاهم الله خيراً ببناء مكتبة صغيرة ومسجد صغير، وقالوا: نصلي فيه جمعه درءاً للفتن والمشاكل، فكنا في بعض الأوقات نصلي قدر سته نفر.
وفي ذات مرة طلبني المحافظ (هادي الحشيشي) فذهب إلي الشيخ (قائد مجلي) رحمه الله فاتصل به وقال: ما تريد من الوادعي؟ فقال: لا شيء إلا مجرد التعرف عليه، فقال: نطلع إليه في معهده. وفي أخري طلبني مسئول آخر فدخل معي إليه (حسين بن قائد مجلي) فتكلم علي الشيعة، وشرح له أننا ندعو إلي الكتاب والسنة، وأن الشيعة حسدونا علي ذلك، ويخافون أن تظهر الحقائق، فقال المسئول: إن الشيعة سودت تاريخ اليمن، وما دامت دعوتك كذلك فادع ونحن معك.وبعد هذا مكثت في مكتبتي، وما هي إلا أيام فإذا الأخوة المصريين وفتحنا دروساً في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة، وبعد هذا ما زال طلبة العلم يفدون من مصر، ومن الكويت، ومن أرض الحرمين ونجد، ومن عدن، وحضر موت، ومن الجزائر، ولبيبا، والصومال، ومن بلجيكا، ومن كثير من البلاد الإسلامية وغيرها.
وعدد الطلاب الآن ما بين الستمائة إلي السبعمائة، منهم قدر مائة وسبعين عائلة، والله يأتيهم برزقهم من عنده، كل هذا لا بحول منا ولا قوة، ولا بسبب كثرة علمنا، ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة، ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون، ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك.
الدروس التي تلقي:
دروس هي:
(1) ”تفسير ابن كثير ” بعد الظهر.
(2) ”صحيح البخاري ” بعد العصر.
(3) ”صحيح مسلم ”، وبعده ” مستدرك الحاكم ” بين مغرب وعشاء.
(4) ”الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ” قبل الظهر.
(5) ”الصحيح المسند من دلائل النبوة ”.
(6) ”الجامع الصحيح في القدر ”.
(7) وكنت أدرس في ” شرح ابن عقيل ” ثم مرضت وتركت.
أما إخواني في الله فإنهم قائمون بدروس لإخوانهم في جميع المجالات العلمية علي مستويات الطلاب في: التوحيد، والعقيدة، والفقة وأصوله، والحديث وأصوله، والفرائض، والنحو، والخط، والإملاء، وجميع ما يحتاج إليه الطالب من العلوم الدينية ووسائلها، وإذا ضاق المسجد والسكنات ففي الوادي وتحت الأشجار، وتلقي هناللك الدروس، علم طيب
وهواء طيب. والفضل في الله وحده.
بقلم: أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي
ـ[ابو اسحاق]ــــــــ[11 - 04 - 09, 01:18 ص]ـ
الله أكبر، هذه هي الهمة
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[11 - 04 - 09, 02:05 ص]ـ
رحم الله العلامة الوادعى وأسكنه فسيح جناته
¥