تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العناية بالتراث الإسلامي , للعلامة ابن باز - رحمه الله -]

ـ[العوضي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 05:23 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخوة في الله وأبناء كرام في جامعة أم القرى في رحاب البيت العتيق، للتناصح والتواصي بالحق والتذكير بما ينفعنا جميعا إن شاء الله، وأسأل الله عز وجل أن يجعله لقاء مباركا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويوفق ولاة أمرنا وسائر ولاة المسلمين لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه خير مسؤول. ثم أشكر القائمين على شؤون جامعة أم القرى وعلى رأسهم الأخ الكريم معالي مدير الجامعة الدكتور: راشد الراجح على دعوتهم لهذا اللقاء، وأسأل الله أن يبارك في جهودهم وأن يعينهم على كل خير وأن ينفع بهم العباد والبلاد، وأن يهيئ على أيديهم لهذه الجامعة وأبنائها كل خير وهدى وصلاح.

أيها الأخوة في الله. أيها الأبناء الكرام. أيها المستمعون:

إن عنوان الكلمة هو كما سمعتم: (العناية بالتراث الإسلامي) لا شك أن التراث الإسلامي أمره مهم والعناية به واجبة، وعلى رأس هذا التراث كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فهما أعظم تراث وأفضل تراث وأنفع تراث، وهما أصل دين الإسلام وأساسه، خلفهما لنا رسولنا ونبينا وإمامنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، والله يقول في كتابه العظيم: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [1] وعلى رأس المصطفين رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ثم صحابته الكرام ثم أتباعهم بإحسان جعلنا الله وإياكم من أتباعهم بإحسان.

فكتاب الله فيه الهدى والنور، وهو أعظم التراث وأفضل التراث وأصدقه، فيه الهدى والنور، فيه الدلالة على كل خير والتحذير من كل شر، فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والتحذير من سيئ الأخلاق وسيئ الأعمال، يقول الله عز وجل في وصف نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام في سورة القلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [2] وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه على {خُلُقٍ عَظِيمٍ} وهذا الخلق العظيم وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها: كان خلقه القرآن لما سئلت عن ذلك، والأمر كما قال الله عنه، فإن خلقه هو القرآن ممتثلا لأوامره، وينتهي عن نواهيه، ويدعو إليه، ويعمل بالصفات التي أثنى على أهلها القرآن، ويبتعد عن الصفات التي ذم أهلها القرآن، هكذا كان عليه الصلاة والسلام، على هذا الخلق العظيم، من امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه والدعوة إلى سبيله، كان صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى في الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة والصفات الحميدة، فهو خير الناس وأفضلهم وأكملهم علما وسيرة وخلقا وأصدقهم قيلا وأحسنهم عملا، عليه الصلاة والسلام، وهو صلى الله عليه وسلم يدعو إلى ما يدعو إليه القرآن العظيم في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [3] ويقول سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [4] ويقول: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [5] فهو تبيان لكل شيء، أوضح الله فيه كل شيء إجمالا وتفصيلا، وجعله هدى وشفاء، جعله الله سبحانه هدى وشفاء للناس، شفاء لما في الصدور من أمراض الشرك والكفر والحسد والكبر والنفاق، وشفاء للأبدان من أمراض كثيرة تستعصي على الأطباء ويشفيها القرآن، يقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [6] ويقول جل وعلا: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [7] فالواجب على أهل الإسلام العناية بهذا الكتاب العظيم وحفظه والمذاكرة فيه وتدبر معانيه ونقل ألفاظه ومعانيه للناس كما أنزل؛ لأن فيه الهدى والنور، فيه الدلالة على كل خير، فيه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير