الأذان في أذن المولود والإقامة في الأخرى، لما جاء في جامع الترمذي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ? قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ ". قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (2)
وفي رواية: لأبي يعلى الموصلي وابن السني عن حسين ? قال: قال رسول الله ?:" من ولد له فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان" (*) (3)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: في التحفة (4): (وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر، مع ما في ذلك من فائدة أخرى، وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان) أ. هـ.
* المرحلة الرابعة:
العق عن الغلام والجارية، وهو نوع تعويذ وذلك لما جاء في صحيح البخاري من حديث سلمان بن عامرٍ الضَّبِّيُّ? قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? يَقُولُ:" مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى ". (1)
وجاء أيضاً عند أهل السنن عن سمرة بن جندب ? عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ? قال:" كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى " (2)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في التحفة (3): وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره، أن يكون سبباً لحسن إنبات الولد، ودوام سلامته، وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه.
* المرحلة الخامسة:
تعويذ الصبيان عند خشية الضرر من العين ونحوها، وقد عوذ النبي ? الحسن والحسين كما جاء في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ? قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ? يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ:" إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ " (4)
وفي رواية لأبي داود والترمذي (5):" أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ".
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَبَاكُمَا) يُرِيد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَسَمَّاهُ أَبًا لِكَوْنِهِ جَدًّا أعَلى.
قَوْلُهُ: (يَقُولُ أُعِيذُكُمَا):هَذَا بَيَانٌ وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يُعَوِّذُ.
قَوْلُهُ: (بِكَلِمَاتِ اللَّهِ): قِيلَ هِيَ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ.
قَوْلُهُ: (التَّامَّةِ):َقالَ الْجَزَرِيُّ: إِنَّمَا وَصَفَ كَلَامَ اللَّهِ بِالتَّمَامِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ نَقْصٌ أَوْ عَيْبٌ كَمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ النَّاسِ، وَقِيلَ مَعْنَى التَّمَامِ هَاهُنَا أَنَّهَا تَنْفَعُ الْمُتَعَوِّذَ بِهَا وَتَحْفَظُهُ مِنْ الْآفَاتِ وَتَكْفِيهِ اِنْتَهَى.
قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ): يَدْخُل تَحْته شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ.
قَوْلُهُ: (وَهَامَّةٍ): الْهَامَّةُ كُلُّ ذَاتِ سُمٍّ يَقْتُلُ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ، فَأَمَّا مَا يَسُمُّ وَلَا يَقْتُلُ فَهُوَ السَّامَّةُ كَالْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ. وَقِيلَ الْمُرَاد كُلّ نَسَمَة تَهُمُّ بِسُوءٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ) أَيْ: العين الحاسدة، والمصيبة بسوء والتي تلم بالإنسان وتؤذية. وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِهِ كُلّ دَاء وَآفَة تُلِمّ بِالْإِنْسَانِ مِنْ جُنُون وَخَبَل.
*المرحلة السادسة:
كف الصبيان عند جُنح الليل، وذلك لأنها ساعة تنتشر فيها الشياطين، ففي الصحيحين عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ? يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ? " إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ فَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ " (1)
¥