وحنبلية ابن عقيل معروفة، لم يتنكر لها، ولم ينكرها عليه غيره، بما في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. أما قصة اتهامه بالاعتزال، فهي معروفة، كما أن قصة توبته معروفة أيضا. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: من اتهمه بالاعتزال بادئ الأمر؟ ومن استتابه؟ إذ من المؤكد أن أن الذين حملوا عليه كانوا أقل علما منه بكثير، بل إن التحريض عليه أساسا كان بتهييج من عوام الحنابلة في عصره. وقد اطلعت على كتاب الفنون، فوجدت فيه تحريرات في إثبات الصفات غاية في الإقناع، وهي تنم عن سعة عقل الرجل وأنه كان فلتة في تاريخ الأمة لم يدرك معاصروه مداها.
ثم من هو أبو محمد الموفق هذا، حتى نحتكم إليه فيما يخص ابن عقيل؟
وقد كان ابن عقيل، كما أشار أحد الإخوة الكرام، طُلَعَة فضوليا في مجال العلوم بكافة أصنافها. ولما كان العلم في عصره يُتلقَّى مِن أفواه العلماء، لا من الكتب، كما هو الحال في زماننا، لازم بعض معتزلة عصره لأخذ علمهم عنهم، وعلى رأسهم أبا الوليد المعتزلي، كما خالط بعض حلولية الصوفية .. ولعل بعض الدهماء لاحظوا منه ذلك، فبادروا إلى تبديعه.
فالواقع أن ابن عقيل، وإن كان حنبلي المشرب والتكوين، إلا أن عقله الوقاد تجاوز إطار المذهب، فقاده إلى اجتهادات خاصة به، وهي مثل غيرها من اجتهادات البشر: يؤخذ منها ما وافق الكتاب والسنة، ويرد ما خالفهما. وما علمنا أن أبا محمد الموفق أو غيره هما الناطقان الرسميان باسم الكتاب والسنة! ولا يحجر على العقل إلى متحجر الذهن.
وابن عقيل مما يُحسد عليه الحنابلة .. فلو كان في أي مذهب بل في أية ملّة رجل مثله، لباهت به خصومها وفاخرتها به. لكن هذا دأبنا: لا نشعر بالطمأنينة إلا بتقديس أشخاص وتدنيس آخرين، ومستندنا تفاصيل صارت تحجب عنا الرؤية.
وإذا عثر أيٌّ من الإخوة المساهمين على معصوم بعد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فليدلونا عليه، وما هم بعاثرين عليه ولو استظهروا بالإنس والجن أجمعين.
ولعل أفضل دراسة تفصيلية واستقصائية وتحليلية حول ابن عقيل ما كتبه جورج مقدسي بالفرنسية تحت عنوان: Ibn Aqil et la résuregence de l'islam sunnite
وهي موضوع رسالة دكتوراه، طبعت لاحقا. وهو كتاب حري بالترجمة إلى اللغة العربية. وقد ترجمت منه مقاطع عدة، لأهميتها ولعلاقتها ببعض بحوثي. وإذا كان بين الإخوة المساهمين من له علم باهتمام دار من دور النشر بترجمة مثل هذه الكتب، فليتفضل بإخيارنا بذلك، وله منا مسبق الشكر.
وأرجو من إخواني الخروج من دائرة "فكر الاتهام" إلى دائرة "اتهام الفكر"، فكر الآخرين (سلفا كانوا أو خلفا) وفكر الذات .. وعندها فقط ننطلق في رحلة التمحيص لتراثنا والتأسيس لفكر جديد، يظل هو الآخر مظنة التعرض للنقد والتمحيص. وقد أدرك ذلك المتميزون من السابقين، فأبدعوا وأضافوا. فهل من معتبر؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 03:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد
لابن عقيل رحمه الله رد على الأشاعرة - كما سمعت - هل من خبر عنه؟
ـ[شاكر بن موسى]ــــــــ[07 - 01 - 08, 10:33 م]ـ
الحمدلله وبعد:
يا اخوتي الاعزاء حفظكم الباريء , ليس هذا من اخلاق الاحترام والتقدير التي علمنا اياها ديننا الحنيف , حتى لو كان مخالفًا , فهل يجب علينا ان نحذر منه ومن عقيدته؟؟؟
ما دمت يا اخي العزيز كنت خائفًا على عقيدتك فلا تقرأ كتب المعتزلة من البداية , أم أن تحذر وتنصح وتقول انه في عقيدة الرجل شيء فهذا لا يصح عقلاً ولا شرعًا , وهذا فيه إدخال في نوايا العلماء , أتريدوننا ان لا نقرأ كتب ابن حجر لانه أشعري او فيه بعض اشعرية كما تزعمون؟؟ وكذلك النووي والعز وغيرهم وغيرهم ....
اصلح الله الجميع
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 01:42 م]ـ
(((((((ابن عقيل * الامام العلامة البحر، شيخ الحنابلة، أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري، الحنبلي المتكلم، صاحب التصانيف، كان يسكن الظفرية (2)، ومسجده بها مشهور.
ولد سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
¥