تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسمع أبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا محمد الجوهري، والحسن بن غالب المقرئ، والقاضي أبا يعلى بن الفراء، وتفقه عليه، وتلا بالعشر على أبي الفتح بن شيطا، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن برهان، وأخذ علم العقليات عن شيخي الاعتزال أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان صاحبي أبو الحسين البصري، فانحرف عن السنة وكان يتوقد ذكاء، وكان بحر معارف، وكنز فضائل، لم يكن له في زمانه نظير على بدعته، وعلق كتاب " الفنون "، وهو أزيد من أربع مئة مجلد، حشد فيه كل ما كان يجري له مع الفضلاء والتلامذة، وما يسنح له من الدقائق والغوامض، وما يسمعه من العجائب والحوادث حدث عنه: أبو حفص المغازلي، وأبو المعمر الانصاري، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وأبو بكر السمعاني، وأبو طاهر السلفي، وأبو الفضل خطيب الموصل، وابن ناصر، وآخرون.

أنبؤونا عن حماد الحراني، سمع السلفي يقول: ما رأت عيني مثل أبي الوفاء بن عقيل الفقيه، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته، تكلم يوما مع شيخنا إلكيا أبي الحسن، فقال له إلكيا: هذا ليس مذهبك، فقال: أكون مثل أبي علي

الجبائي، وفلان وفلان لا أعلم شيئا؟! أنا لي اجتهاد متى ما طالبني خصم بالحجة، كان عندي ما أدفع به عن نفسي وأقوم له بحجتي، فقال إلكيا: كذاك الظن بك.

وقال ابن عقيل: عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم، وما خالطت لعابا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم، وأنا في عشر الثمانين أجد من الحرص على العلم أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة، وأنا اليوم لا أرى نقصا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الاهلة الخفية إلا أن القوة ضعيفة.

قال ابن الجوزي: كان ابن عقيل دينا، حافظا للحدود، توفي له ابنان، فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه، وكان كريما ينفق ما يجد، وما خلف سوى كتبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار، توفي بكرة الجمعة ثاني

عشر جمادى الاولى سنة ثلاث عشرة وخمس مئة، وكان الجمع يفوت الاحصاء، قال ابن ناصر شيخنا: حزرتهم بثلاث مئة ألف.

قال المبارك بن كامل: صلي على شيخنا بجامع القصر، فأمهم ابن شافع، وكان الجمع ما لا يحصى، وحمل إلى جامع المنصور، فصلي عليه، وجرت فتنة، وتجارحوا، ونال الشيخ تقطيع كفن، ودفن قريبا من الامام أحمد.

وقال ابن الجوزي أيضا فيه: هو فريد فنه، وإمام عصره، كان

حسن الصورة، ظاهر المحاسن، قال: قرأت على القاضي أبي يعلى من سنة سبع وأربعين وإلى أن توفي، وحظيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني، وكان أبو الحسن الشيرازي إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتفعت بمصنفاته، ثم سمى جماعة من شيوخه (1).

ثم قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا.

قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجسر على تأويل النصوص، نسأل الله السلامة.

قال: وأقبل علي الشيخ أبو منصور بن يوسف، وقدمني على الفتاوي، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخنا في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وقام بكل مؤنتي وتجملي.

وأما أهل بيتي، فإنهم أرباب أقلام وكتابة وأدب، وعانيت من الفقر والنسخ بالاجرة مع عفة وتقى، ولم أزاحم فقيها في حلقة، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت من أصحابي، حتى طلب الدم، وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس.

وفي " تاريخ ابن الاثير " (1) قال: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على ابن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة (2).

وقال ابن عقيل في " الفنون ": الاصلح لاعتقاد العوام ظواهر الآي، لانهم يأنسون بالاثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم، زالت الحشمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير