تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكما أحس دكتور كاريل بالخطر على مقومات الإنسان وكينونته من الحضارة الصناعية المادية .. كذلك أحس مستر دالاس وزير خارجية أمريكا بالخطر على الولايات المتحدة، وعلى العالم الغربي من الشيوعية التي يقوم نظامها الاجتماعي على أساس من (المذهب المادي) ومن (التفسير الاقتصادي للتاريخ) .. ووجه مستر دالاس في كتابه: (حرب أم سلام) صيحة الذعر من هذا الخطر، وطالب بدفعه، ولكن مقترحاته كذلك جاءت جزئية، لا تعالج المشكلة من جذورها .. لقد طلب من رجال الكنيسة عنده أن يقوموا بما ليس من طوقهم، ولا في طبيعة موقفهم ان يؤدوه، بعد ذلك الواقع التاريخي في حياة الكنيسة وحياة المجتمع منذ عهد بعيد ..

وفي فصل بعنوان (حاجاتنا الروحية) يقول:

(إن هناك شيئاً ما يسير بشكل خاطئ في امتنا. وإلا لما أصبحنا في هذا الحرج، وفي هذه الحالة النفسية .. لا يجدر بنا ان نأخذ موقفاً دفاعياً، وان يتملكنا الذعر .. إن ذلك أمر جديد في تاريخنا!

(إن الأمر لا يتعلق بالماديات، فلدينا أعظم إنتاج عالمي في الأشياء المادية، ان ما ينقصنا هو إيمان صحيح قوي. فبدونه يكون كل ما لدينا قليلاً. وهذا النقص لا يعوضه السياسيون مهما بلغت قدرتهم، او الدبلوماسيون مهما كانت فطنتهم، او العلماء مهما كثرت اختراعاتهم، او القنابل مهما بلغت قوتها!

(فمتى شعر الناس بالحاجة إلى الاعتماد على الأشياء المادية. فإن النتائج السيئة تصبح أمراً حتمياً.

(وفي بلادنا لا تجتذب نظمنا الإخلاص الروحي اللازم للدفاع عنها. وهناك حيرة في عقول الناس، وتآكل لأرواحهم. وذلك يجعل أمتنا معرضة للتغلغل المعادي-كما كشف عنه نشاط الجواسيس الذين تم كشفهم حتى الآن- ولن تستطيع أي إدارة لمكافحة التجسس ان تقوم بحمايتها في هذه الظروف).

(لقد تقابلنا مع أقسى الاختبارات التي يمكن ان يلتقي بها أي شعب .. وهو اختبار الحياة في رفاهية ..

(لقد قال يسوع: إن هذه الأشياء المادية سيحظى بها أولئك الذين يعملون من اجل ما أمر به الله، ومن اجل تحقيق عدالته .. ولكن عندما يحدث ذلك فعندئذ يبدأ الامتحان الأكبر. لأن هذه الأشياء المادية-كما انذر يسوع- يمكنها أن تصبح الصدأ الذي ينخر في الأرواح.

(كذلك فإن لدينا نموذجاً معروفاً. فالرجال الذين لديهم إحساس بالواجب إزاء كائن أعلى، يجاهدون لتحقيق إرادته، لأن إيمانهم يمنحهم القوة والفضيلة والحكمة المبسطة 00 إنهم لا يبنون ليومهم فقط، بل للغد؛ وليس لأنفسهم وحدهم، وإنما للجنس البشري. ومجتمع هذا أساسه ستكون من نتائجه الثروة والرفاهية للكثيرين إذا ساعدته الأحوال .. وعندما تأتي هذه المنتجات الفرعية فإنها تكون طيبة، إلى درجة أنها تشجع على الاعتقاد بأنها النهاية المرتقبة! وبذا سيبتعد الناس عن بذل الجهود الإنشائية للأجل الطويل؛ ويبدأون الصراع من أجل الحصول على الأشياء المادية.

(ومع ذلك التغير ينمو خطر متزايد. فالأمريكيون قد حصلوا على الأمن بالطريقة الوحيدة التي يمكن بها ضمان الأمن. أعني كنتيجة فرعية لمسعاهم العظيم. وعندما بدأنا نتقاعس عن سعينا، ونطلب الأمن كنهاية في ذاته، أخذ الأمن يزداد بعداً عنا! وستظل الحال دائماً هكذا، ومهما تكن درجة ثرائنا. فالأمن لا يمكن شراؤه بأي ثمن نقدي 00 وخمسة بلايين، أو خمسون بليونا لا تكفي. فالأمن والسلام ليسا سلعتين يمكن شراؤهما. لقد حاول الأباطرة الرومان أيام انحدارهم أن يشتروا السلام. وكانت النتيجة فتح شهية أولئك الذين كانوا يسعون إلى تدميرهم.

(وبينما ينحدر نفوذنا وأمننا، فإن نفوذ الشيوعية السوفيتية وأمنها آخذان في الارتفاع 00 إنها تستطيع أن تنفذ –بل هي تنفذ فعلاً- سياسات تحمل طابع " تجربة الشيوعية السوفييتية العظمى" تلك التجربة التي استطاع بها الشيوعيون أن يجتذبوا إليهم خيال شعوب العالم. تماماً كما فعلنا نحن في القرن التاسع عشر بالتجربة الأمريكية العظمى!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير