تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ويجب أن نفهم كذلك بوضوح أن مجتمعاً حراً ليس معناه مجتمعاً يسعى كل فرد فيه لنفسه. بل انه مجتمع متناسق. والقيود المفروضة هي، قبل كل شيء، روابط الاخوة المنبعثة من الإيمان. فان الناس خلقوا لكي يعيشوا إخواناً في رعاية الله) ..

ثم يختم هذا الفصل بقوله:

(لن تكون هناك فائدة من إنشاء (أصوات أمريكا) أخرى عالية الصوت، إلا إذا كان لدينا شيء نقوله، يكون اكثر إغراء مما قيل حتى الآن!.

(وإيجاد هذه الرسالة هو قبل كل شيء مهمة الزعماء الروحيين لأمتنا. وبعثورهم عليها يستطيعون أن يساهموا بشكل حاسم في الإحباط السلمي للأساليب الشريرة، والخطط التي تعدها الشيوعية السوفييتية.

(إن كثيراً من الوعاظ والمعلمين يأسفون لأن المعرفة العلمية قد زادت قدرة الإنسان على الأذى إلى درجة كبيرة. ولا يجب أن نصدق ان المعرفة في حد ذاتها شيء يمكن الهرب منه.

(إن القوة المادية الكبيرة تكون خطرة في عصر المادية فقط؛ وليس في عصر روحي. والمعرفة العلمية الجديدة خطرة اليوم لأنها حدثت في وقت أخفقت فيه الزعامة الروحية أن توضح الصلة بين العقيدة والعمل. ولعله يكون اكثر أهمية لو أن العبادة الروحية تطورت بدلاً من محاولة وقف التقدم العلمي، او الرجوع به القهقري).

(لقد كتب الرئيس ولسون قبل وفاته بأسابيع قليلة مقالاً استعرض فيه تهديد المبادئ الثورية وأعمال الشيوعية. وختمه بقول: إن اختصار المسألة بأسرها هو ما يلي: إن حضارتنا لا تستطيع الاستمرار في البقاء من الناحية المادية، إلا إذا استردت روحانيتها ..

(هذا هو التحدي النهائي لكنائسنا ومنظماتنا السياسية وللرأسماليين عندنا، ولكل فرد يخاف الله، او يحب بلده!) ..

* * *

ولكن هذه الصيحة التي أرسلها مستر دالاس-كالصيحة التي أرسلها دكتور كاريل من قبل- لا تمكن تلبيتها بهذا السهولة! ولا بهذا التحدي الذي يضعه دالاس أمام كنائسهم ومنظماتهم والرأسماليين وكل فرد يخاف الله او يحب بلده!

إن المسألة اعمق من هذا بكثير. فالكنائس لم يعد لديها من النصرانية-منذ ما أفسدها بولس أولاً. وقسطنطين ثانياً. والكنيسة والمجامع والبابوات ثالثاً- ما يصلح أساساً شاملاً للحياة الإنسانية.

وحتى البقية الباقية من التصور النصراني-هذه التي يتحدث عنها مستر دالاس- لم تعد الحضارة الأمريكية المادية تطيقها. هذه الحضارة التي قامت ابتداء على (الفردية) الجامحة، ممثلة في النظام الرأسمالي الربوي الاحتكاري إلى أبعد الحدود ..

وما أظن مستر دالاس نفسه قد فكر-وهو يرسل هذه الصيحة في ساعة الخطر- في تطبيق بقية التصور النصراني تلك. فان أول ما تقتضيه: إلغاء النظام الربوي الذي تقوم هذه الحضارة عليه، والذي يساهم بالقسط الأول والأوفر في ويلات البشرية، وويلات الحضارة المادية. والذي تحرِّمه النصرانية، كما يحرمه كل دين سماوي وكل فطرة سليمة!

إنما أراد مستر دالاس صورة باهتة من النصرانية لا تتدخل في صميم النظام الاقتصادي. وفي الوقت ذاته تخدم أغراضه السياسية الأخرى في دفع غائلة الشيوعية!

وحتى لو كان جاداً في أعمال التصور الديني في صميم الحياة كلها .. فان هنالك هوة لا تعبر، ولا يقام عليها معبر بين التعاليم النصرانية الصحيحة، وبين الحياة الواقعية عنده. اشترك في حفرها وتعميقها خمسمائة عام من الصراع المرير!

وهو يكلف رجال الكنيسة عنده والزعماء الروحيين مالا قبل لهم به. حتى يطلب إليهم، بما بين أيديهم من رصيد مهلهل للدين النصراني، ومن تاريخ مرير بين الكنيسة ورجالها والدين وأهله وبين ضمائر الناس وعقولهم، ومن فصام نكد قامت بعده كل جوانب الحياة والفكر والشعور على أساس العداء للدين كله .. أقول يكلفهم مالا قبل لهم به، وهو يطلب إليهم استحداث منهج من ذلك الرصيد المهلهل، يصل بين الإيمان والعمل. وبين الفردية والجماعية. وبين الروح والمادة. وبين التقدم العلمي والهيمنة الروحية على هذا التقدم. وبين العناية بتنمية الحياة للمجتمع مع سيطرة الروح الإيماني .. منهج لا يفرق بين الدين وممارسة الدين. ويرفض القول: بأنه من غير الممكن الحصول على عدالة اجتماعية بدون ممارسة الإلحاد والمادية. كما يرفض أن يكون للأشياء المادية الأولوية. او أن تكون العبودية والاستبداد وسيلة الإكثار من الإنتاج المادي. او أن يعتدي على الحرية العقلية والروحية والاقتصادية في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير