5 - وهناك نوع أخر من المذكرات الشبيهة بالتراجم الذاتية، وهي كتاب الاعتراف لعبد الرحمن شكري، أصدره عام 1916 وقد اجمع المؤرخون على أنها مذكراته الخاصة، وإن كان قد حاول إبعاد الصورة عنه بأن جعل اسم صاحب المذكرات (م. ن) وقال إنه صار يهيم في فيافي السودان حتى وصل إلى بلاد نيام، فأكله أهلها ...
وقد كتب شكري هذه المذكرات تحت عنوان كتاب الاعتراف "قصة نفس" وحاول أن يصور شخصيته على نحو، فهو ضعيف العزيمة كثير الأحلام، والأطماع والأماني وكذلك الخوف مهيج العواطف ولكنه غير عظيمها، كثير الغرور لأنه كثير الأحلام والأماني، ليس عنده شيء من الاعتماد على النفس، شديد الإحساس ولكنه يبكي في ضحكه ويضحك في بكائه، كثير الشكوى والتضجر قليل الصبر، تحز في نفسه قيود القدر المحتوم فيجتهد أن يصدها عنه فلا يقدر، فيزداد حزنا ويأسا ويفكر ولكن تفكيره غير منظم، وهو كثر الحيرة والشك بالرغم من غروره بترك ما يعنيه إلى ما لا يعنيه، لا يعرف أي أفكاره وعاداته القديمة خرافات مضرة، ولا أي أفكاره وعاداته الجديدة حقائق نافعة، من اجل هذا يضره القديم كما يضره الجديد، فهو في قديمه وجديده غريق في لجتين، أو مثل كرة في أرجل المقادير، فإلى أين يقذف بها المقادير .. "
وهذه الصورة التي رسمها عبد الرحمن شكري، إنما قصد بها تصوير مشاعره وأحاسيسه هو، وكل كتابه يدور حول تصوير أزمته النفسية التي كانت تعروه خلال هذه الفترة من حياته، وقد لجأ شكري إلى تصوير مشاعره في أكثر من صورة منها مذكرات محبون، وحديث إبليس ..
6 - وهناك مذكرات أخرى منشورة في الصحف والمجلات لم تجمع في مؤلفات، وبعضها لم يكتمل أصلا وأهم هذه المذكرات:
مذكرات محمد فريد التي تصور جانبا من حياتنا السياسية في فترة من أدق الفترات، وقد نشر جانبا منها في مجلة كل شيء، كما صور عبد الرحمن فهمي بعض ذكرياته، وصور عبد الرحمن عزام قصة حياته واشتراكه في معارك طرابلس، أما مذكرات أحمد حشمت وشبلي شميل، فقد تحدثت الصحف عن أنها نشرت فعلا غير أنها لم تجدها في دار الكتب، ولم تعثر عليها عند أحد من الوراقين.
أما جرجي زيدان فقد نشرت فصول من مذكراته في الهلال، أما مذكرات سعد زغلول فقد نشرت منها فقرات على فترات متعددة، ونشر جانب منها في عام 1963 في جريدة الأخبار اليومية.
أما الشيخ أبو العيون فقد صورت مذكراته معركته مع القضايا الاجتماعية وأهمها قضية البغاء، وكان العقاد قد نشر فصولا من حياته تحت عنوان: "مذكرات قلم"، وله كتاب في سلسلة اقرأ بعنوان "في بيتي"، أما ثورة 1919 فقد لقيت عناية ثلاثة من الكتاب الذين سجلوها ونشرتها البلاغ، وهم محمد الخضري وعبد الوهاب النجار وأمين الرافعي.
7 - ومن هذه المذكرات المنشورة مذكرات "أحمد حافظ عوض" عن مطالع حياته الصحفية، بدا نشرها في 30 يوليو 1937 في كوكب الشرق، وصور كيف اشتغل بالمؤيد مترجما بأربعة جنيهات في الشهر، وصور كيف اشترك محمد فريد في إخراج مجلة الموسوعات وقد صدر العدد الأول منها في 15 نوفمبر 1898.
وتحدث عن أول لقاء له مع الشيخ محمد عبده عام 1898، وكان الشيخ عبده يلقي دروس الإنشاء في الرواق العباسي، وكان الشيخ محمد عبده يعرف الفرنسية ولا يعرف الإنجليزية، فكان يستعين به في أحاديثه مع الإنجليز والايرلنديين.
...
ولا شك أن هذه المذكرات جميعها تعطي صورة الحياة النفسية والاجتماعية للكاتب على نحو من الأنحاء، وعندي أن هذه المذكرات في حاجة إلى دراسة واسعة تستعرض من جوانبها عرضا شاملا يكشف عن طوابعها ومضمونها.
الكتاب طبعة دار النشر للجامعيين-ط1 - 1964
يقع الكتاب في 274 صفحة من الحجم المتوسط- والكتاب نفدت طبعته الأولى ونسعى جاهدين أن يعاد طبعه لأهميته فهو مصدرهام للباحثين والمهتمين بالأدب العربي لما يحويه من مادة خصبة وشرح مسهب لتاريخ الأدب العربي المعاصر وأهم الظواهر التي صاحبته.
ـ[فهد السند]ــــــــ[14 - 05 - 09, 09:58 ص]ـ
تستهوينا هذه الكتب،،
ولا بدّ أن ندرّب عقولنا على مزيد من الوعي، مزيد من الإدراك ..
فما كلّ ما يُكتب حقيقة ..
كما ما كلّ ما يُقرأ خداعا،،
ـ[ابن عبدالباقى السلفى]ــــــــ[14 - 01 - 10, 03:29 ص]ـ
كتب الذكريات
د. عبدالكريم الخضير
من أفضل ما كُتب في المُذكِّرات من قِبَل الأُدباء ذكريات الشيخ علي الطنطاوي رحمهُ الله،
ذِكرياتُهُ نافعة وماتِعة، وفيها فوائد في كُلِّ فن، وفيها طرائف وأخبار،
طُبِعت في ثمانية أو تسعة أجزاء، هذه يحرص طالب العلم على قِراءتها.
وهناك (الأيام) لـ طه حسين، هذا الكتاب فتنة لا تترُكُهُ حتّى ينتهي؛
لكن فيهِ مُخالفات، الرجل ليس بسوي، ليس بمرضيِّ السِّيرة فيه مُخالفات،
وهذه الكُتُب فيها استجمام وفيها راحة للذِّهن؛ لكنْ يبقى أنَّها من فُضُول العِلم ليست من متِينِهِ أبداً، فلا يُصْرَف لها سَنام الوقت بمعنى أنَّ الشَّخص يجلس من بعد صلاة الصُّبح ينتظر انتشار الشَّمس وبيدهِ مُذكرات أو رحلات أو شيء من هذا! لكن إذا كان في حالة انتظار في مُستشفى، في دائرة حُكُوميَّة ينتظر دورُه، يعني في وقت ضايع ضايع يقرأ في مثل هذه الكُتب.
http://www.khudheir.com/ref/1847
جزاك الله خيرا
¥