تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وممن استدل بها على ذلك ابن القيم إذ قال: الدليل السادس قوله تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}، فعلق أخوتهم للمؤمنين بفعل الصلاة فإن لم يفعلوا لم يكونوا إخوة للمؤمنين، فلايكونون مؤمنين؛ لقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}.

(الصلاة وحكم تاركها لابن القيم /42).

وقال الشنقيطي: يفهم من مفهوم الآية أنهم إن لم يقيموا الصلاة لم يكونوا من إخوان المؤمنين، ومن انتفت عنهم أخوة المؤمنين فهم من الكافرين؛ لأن الله يقول: {إنما المؤمنون إخوة}.

(أضواء البيان 4/ 311).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الأخوة في الدين لاتنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية، فلاتنتفي بالفسوق، والكفر دون الكفر ... وبهذا يعلم أن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة؛ إذ لو كان فسقا أو كفرا دون كفر ما انتفت الأخوة الدينية به كما لم تنتف بقتل المؤمن وقتاله (مجموع فتاوى ابن عثيمين 12/ 128)

وأما استظهار المؤلف القول بعدم كفر تارك الصلاة كفرا أكبر فهو قول جماعة من العلماء، ولن ننكر عليه ترجيحه ماترجح لديه، لكن أحب أن أنبه على أنه نقل غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة كفرا أكبر، وممن نقل الإجماع إسحاق بن راهويه، ومحمد بن نصر المروزي، وابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم.

(انظر سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة لأبي الحسن السليماني /56)

وأما مااستدل به المؤلف على أن تارك الصلاة كفره أصغر لا أكبر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:" خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بها لم يضيع منها شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة " رواه أبوداود،قال المؤلف: ومثل هذا لايكون في الكفر الأكبر، وهو واضح محكم، فتحمل عليه أحاديث الكفر المطلق. (المدخل/188)

فالجواب من وجوه، وهي:

1 - أن هذا الحديث، وهو حديث عبادة بن الصامت قد جاء بلفظ مجمل، وهو المذكور آنفا، وهو الذي استدل به القائلون بعدم كفر تارك الصلاة كفرا أكبر، وله ألفاظ أخرى توضحه وتفسره، والروايات يفسر بعضها بعضا، فمن ألفاظه " افترض الله خمس صلوات على خلقه، من أداهن كما افترض الله عليه، لم ينتقص من حقهن شيئا، استخفافا به لقي الله وله عنده عهد يدخل به الجنة، ومن انتقص من حقهن شيئا استخفافا لقي الله ولا عهد له، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له " أخرجه المروزي والشاشي. وجاء الحديث بلفظ مفصل، وهو " خمس صلوات افترضهن الله على عباده، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، فأتم ركوعهن، وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه " والحديث بلفظه المجمل ضعيف، وبلفظه المفصل ثابت كما حققه بما لامزيد عليه الشيخ أبو الحسن السليماني في دراسة حديثية موسعة لطرق هذا الحديث وألفاظه، وذلك في كتابه سبيل النجاة 65 - 84.

واللفظ المفصل لادليل فيه على عدم كفر تارك الصلاة؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم"ومن لم يفعل" يعود على المذكور قبله، وهو إحسان وضوئهن، وأداؤهن لوقتهن وإتمام ركوعهن وسجودهن وخشوعهن، فمن لم يفعل ذلك في صلاته فهو الذي ليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه؛ لا من ترك الصلاة مطلقا. وهذا ماوضحه جمع من العلماء كمحمد بن نصر المروزي، وابن تيمية.ونقله ابن عبدالبر عن طائفة من العلماء ذكروا أن التضييع للصلاة المذكور في ألفاظ هذا الحديث الذي لايكون معه لفاعله المسلم عند الله عهد هو أن لايقيم حدودها من مراعاة وقت وطهارة وتمام ركوع وسجود ونحو ذلك، وهو مع ذلك يصليها، ولا يمتنع من القيام بها في وقتها وغير وقتها إلا أنه لا يحافظ على أوقاتها، فأما من تركها أصلا، ولم يصلها فهو كافر.

(انظر تعظيم قدر الصلاة للمروزي 2/ 971، التمهيد 23/ 293، مجموع الفتاوى 7/ 614، سبيل النجاة للسليماني /85).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير