كثير من العلماء قدموا للإسلام وللمسلمين كثيرا، أضاءوا لهم الطريق، وأحرقوا أنفسهم ومازالوا يقدمون للمسلمين إلى أن يشاء الله، ويعتبرون من الذين حملوا راية لا إله إلا الله وهم مع هذا كله يحلقون الذقن، مثال على ذلك سيد قطب، والغزالي صاحب فقه السيرة، ألا تظنون أنهم لايعرفون هذه الأحاديث التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم من إعفاء اللحية وقص الشوارب، أيعقل أنهم ارتكبوا إثما ومعصية؟
فأجابوا: ابن آدم خطاء، ولو كان عالما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " لأنه ليس بمعصوم.ومن ذكرت من العلماء وأمثالهم يعرفون ماورد من الأحاديث في النهي عن حلق اللحية، والأمر بقص الشوارب، وهم مع ذلك يخالفون تلك النصوص إما لهوى في النفس، أولتأويل، أو لأمور أخرى، وهم على كل حال آثمون عاصون في حلقهم لحاهم، مصيبون محسنون فيما قاموا به من نشر العلم ونصر الحق. وبذلك يكونون ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ونسأل الله أن يعفو عنا وعنهم.
(فتاوى اللجنة الدائمة 5/ 160).
وقال لي أحد الطلاب: إن لي صديقا من الطلاب يقول: إن حلق اللحية ليس بحرام فقلت له: لماذا؟ فقال: لأن عمرو خالد يحلق لحيته فلو كان حلق اللحية محرما فمعنى هذا أنه مستحق للعقوبة يوم القيامة، وكيف يعاقب هذا الرجل الذي اهتدى على يديه كثيرون؟! ولهذا لايمكن أن يكون حلق اللحية محرما.
فانظروا كيف يفتن العامة بهذا وأمثاله ممن يضلون الناس وهم لايشعرون.
وأخبرني أحد الإخوة الأفاضل أنه التقى عمرو خالد في المدينة فنصحه بتوفير لحيته، فقال له عمرو خالد: إنتو مابتفهموش، الدعوة واجبة، واللحية سنة، والواجب مقدم على السنة.
سبحان الله! وإلى ماذا تدعو الناس ياعمرو خالد، أليس إلى السنة فلماذا لاتعمل بماتدعو الناس إليه، أم أنك تدعوهم إلى شيء آخر؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ولا يفوتني أيضا أن أنبه على ما يحصل في كثير من محاضرات عمرو خالد من المنكر؛ إذ يحضر المحاضرة رجال ونساء محجبات ونساء متبرجات، والجميع أمامه من غير فصل، وتصور تلك المحاضرات وتنقل في التلفاز، وتتنقل الكاميرا بين وجوه الفتيات المتبرجات والحسناوات، وهو لا ينكر ذلك المنكر، ولا يأمر المتبرجة بالحجاب، بل أجرت معه إحدى المقدمات لقاء مطولا في قناة الجزيرة عن الدعوة، وهي متبرجة في كامل زينتها، وهو أمامها ينظر إليها وتنظر إليه، ويتحاوره ويحاورها.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه،
وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومما أحب أن أذكر به إخواني:
أن العلم المحمود هو العلم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وكل دعوة لا تقوم على هذا
الأساس فلاخير فيها، وإن اغتر بها المغترون.
روى ابن عبدالبر بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، قوما اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم،
فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
(جامع بين العلم 2/ 947).
قال ابن رجب رحمه الله: فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثورا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى زمن أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق.فضبط ما روي عنهم في ذلك أفضل العلوم مع تفهمه، وتعقله، والتفقه فيه.وماحدث بعدهم من التوسع لا خير في كثير منه إلا أن يكون شرحا لكلام يتعلق بكلامهم وأما ما كان مخالفا لكلامهم فأكثره باطل أو لا منفعة فيه.وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة، فلا يوجد في كلامِ مَنْ بعدهم من حق إلا وهو في
¥