تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

متدورة على باب القبة كالطبق العظيم.

فلم أجد للخروج سبيلاً، ويئست من نفسي، وجزعت جزعاً شديداً، وأخذت في التشهد والتضرع الى الله سبحانه, وبينما أنا كذلك، اذا بالكلب أقبل من بعيد فلما رأى الأفعى، وقف برهة بعيداً عنها، ثم رجع من حيث أتى وأنا لا استطيع رفع صوتي منادياً له وما ان غاب قليلاً حتى رجع ثانية، ومعه كلب آخر أكبر منه، فوقف الواحد من يمين باب القبة والآخر على يسارها، وصار الواحد عند رأس الأفعى، والآخر عند ذنبها، ثم وثبا في حال واحدة، واذا رأس الأفعى، وذنبها في فم كل واحد منهما، ولم تستطع الافلات منهما، وجراها بعيداً عن مكاني، فخرجت مسروراً، وبعد ذلك لحق بي الكلب الذي نجاني الله بحيلته.

وقد زاد الناشر الأول في صفحات في خصال الكلب المحمودة، ووفاء الكلب، وفي مديح الكلب، ونظرة الفقهاء له، ومن خصال الكلب نسب للحسن البصري انه قال في كلب عشر خصال حميدة وكذلك ينبغي أن تكون في كل مؤمن: الأولى لا يزال خائفاً وذلك لعارض دأب الصالحين، الثانية: ليس له مكان يعرف وذلك من علامات المتوكلين، الثالثة: انه لا ينام من الليل الا قليلاً، وذلك من صفات المحسنين، الرابعة: اذا مات لا ميراث له وذلك من أخلاق الزاهدين، الخامسة: لا يترك صاحبه ولو جفاه وضربه وذلك من صفات المريدين، السادسة: يرضى من الدنيا باليسير، وذلك من علامات المتواضعين، السابعة: اذا طرد من مكان وانصرفوا عنه عاد اليه، وذلك من علامات الراضين، الثامنة: اذا ضرب وطرد، ثم دعي عاد بلاحق وذلك من صفات الخاضعين، التاسعة: اذا حضر شيء للأكل جلس من بعيد وذلك صنع المساكين، العاشرة: اذا رحل من مكان لا يرحل ومعه شيء يلتفت اليه، وذلك من صفات المتجردين,, ونكتفي بالنماذج التي اوردنا دون المقارنة مع خصال الانسان، لأن ذلك مما يدركه القارىء.

نماذج من الخيانة:

جاء في كتاب المنتخب من أدب العرب لطه حسين وزملائه: ان سبب قتل المعتصم بالله آخر خلفاء بني العباس: انه لما ولي الخلافة لم يتوثق أمره، لأنه كان قليل المعرفة بتدبير الملك، نازل الهمة، مهملاً للأمور المهمة، محباً لجمع المال، فأهمل أمر هولاكو وانقاد الى وزيره ابن العلقمي، حتى كان في ذلك هلاكه، وهلاك الرعية، فان وزيره ابن العلقمي الرافضي، كان كتب كتاباً الى هولاكو ملك التتار في الدشت: انك تحضر الى بغداد، وأنا اسلمها لك، وقد داخل قلب اللعين الكفر، فكتب هولاكو: ان عساكر بغداد كثيرة، فان كنت صادقاً فيما قلته، وداخلا في طاعتنا، ففرق عساكر بغداد، ونحن نحضر.

فلماوصل كتابه الى الوزير، دخل على المعتصم بالله، وقال: ان جندك كثيرة، وعليك كلفة كبيرة، والعدو قد رجع من بلاد العجم، والصواب انك تعطي دستور الخمسة عشر ألفاً من عسكرك، وتوفر معلومهم، فأجابه المعتصم لذلك، فخرج الوزير لوقته، ومحا اسم من ذكر من الديوان، ثم نفاهم من بغداد، ومنعهم من الاقامة بها، ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى، ومحا اسم عشرين ألفا من الديوان، ثم كتب الى هولاكو بما فعل، وكان قصد الوزير بمجيء التتار، أشياء منها انه كان رافضياً خبيثاً، وأراد أن ينقل الخلافة من بني العباس الى العلويين، فلم يتم له ذلك، من عظم شوكة بني العباس وعساكرهم، فأفكر ان هولاكو اذا قدم يقتل المعتصم بالله واتباعه، ثم يعود الى حال سبيله، وقد زالت شوكة بني العباس، وقد بقي هو على ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة، فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة، من غير ممانع لضعف العساكر ولقوته، ثم يضع السيف في أهل السنة، فهذا كان مقصده قبحه الله.

ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها، الى أن نزل عليها، وصار المعتصم بالله، يستدعي العساكر، وتجهز لحرب هولاكو، وقد اجتمع أهل بغداد، وتحالفوا على قتال هولاكو، وخرجوا الى ظاهر بغداد، ومشى اليهم هولاكو بعساكره، فقاتلوا قتالاً شديداً، وصبر كل من الطائفتين صبراً عظيماً، وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين، الى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد، وأنكسر هولاكو أقبح كسرة، وساق المسلمون خلفهم، وأسروا منهم جماعة، وعادوا بالأسرى، ورؤوس القتلى الى ظاهر بغداد، ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدو، فارسل الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه فقطعوا شطر دجلة، فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون، فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم، وصار السعيد منهم من لقي فرسا يركبها، وكان الوزير ابن العلقمي قد أرسل الى هولاكو يعرفه بما فعل، ويأمره بالرجوع الى بغداد، فرجعت عساكر هولاكو الى ظاهر بغداد، فلم يجد هناك من يردهم، فلما اصبحوا استولوا على بغداد، وبذلوا فيها السيف، ووقع منهم أمور يطول شرحها, وقد أمر هولاكو بوضع الخليفة وولده في عدلين، وأمر التتار برفسهما الى ان ماتا، ثم نهبت دار الخلافة ثم أحرقت بغداد بعد أن قتل أكثر أهلها، حتى قيل ان عدة من قتل في نوبة هولاكو يزيد على ألف ألف وثلاثين ألف انسان، وبقيت الدنيا بلا خلافة الى أن أقام الملك الظاهر بيبرس ببعض بني العباس في الخلافة، أما ابن العلقمي فأمسكه هولاكو ووبخه بألفاظ شنيعة، ثم قتله شر قتلة، قائلاً لا خير فيمن خان مخدومه, ص 239 242 نقلاً عن كتاب الخميس للديار بكري.

http://www.al-jazirah.com.sa/2001jaz/jan/5/ar5.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير