تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أساليب قريش في مواجهة الدعوة المحمدية]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[11 - 09 - 06, 08:35 م]ـ

[أساليب قريش في مواجهة الدعوة المحمدية]

سبل شتى لمواجهة الدعوة:

ولما انتهى الحج، وعادت قريش إلى بيوتهم، واطمأنوا كأنهم رأوا أن يعالجوا هذه المشكلة التي نشأت لأجل قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله وحده، ففكروا واستشاروا، ثم اختاروا سبلاً شتى لمواجهة هذه الدعوة والقضاء عليها، نذكرها فيما يلي بإيجاز.

1 - الأول مواصلة السخرية والاستهزاء والإكثار منها: والقصد من ذلك تخذيل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فكانوا يتهمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه رجل مسحور، شاعر مجنون، كاهن يأتيه الشيطان، ساحر كذاب، مفتر متقول، وغير ذلك من التهم والشتائم، وكانوا إذا رأوه يجيء ويذهب ينظرون إليه نظر الغضب والنقمة، كما قال الله تعالى: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون) وكانوا إذا رأوه يتهكمون به، ويقولون: (أهذا الذي يذكر آلهتكم). وإذا رأوا ضعفاء الصحابة قالوا: قد جاءكم ملوك الأرض (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا)

وقد أكثروا من السخرية والاستهزاء، ومن الطعن والتضحيك حتى أثر ذلك في نفس النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: (ولقد نعلم أنه ليضيق صدرك بما يقولون) ثم ثبته الله تعالى، وبين له ما يذهب بهذا الضيق، فقال: (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وقد بين له ذلك ما فيه التسلية حيث قال: (إنا كفيناك المستهزئين، الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون) وأخبره أن فعلهم هذا سوف ينقلب وبالاً عليهم فقال: (ولقد استهزيء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون).

2 – الثاني: الحيلولة بين الناس وبين الاستماع إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

فقد قرروا أن يثيروا الشغب، ويرفعوا الضوضاء، ويطردوا الناس كلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يستعد ليقوم بالدعوة إلى الله فيما بينهم، وأن لا يتركوا له فرصة ينتهزها لبيان ما يدعو إليه، وقد تواصوا بذلك فيما بينهم، قال الله تعالى: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) وقد ظلوا قائمين بذلك بكل شدة وصلابة، حتى إن أول قرآن تمكن النبي صلى الله عليه وسلم من تلاوته في مجامعهم هو سورة النجم– وذلك في رمضان في السنة الخامسة من النبوة - وكانوا إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن في صلاته وأكثر ما كان يتلوه في صلاته بالليل – سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، حتى انزل الله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).

وذهب النضر بن الحارث إلى الحيرة والشام، فتعلم منهم قصصاً شعبية، كانوا يحكونها عن ملوكهم وأمرائهم مثل: رستم و إسفنديار، فلما رجع أخذ يعقد النوادي والمجالس، يقص هذه القصص ويصرف بها الناس عن الاستماع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإذا سمع بمجلس جلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للتذكير بالله، خلفه في ذلك المجلس، ويقص عليهم من تلك القصص، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثاً مني.

ثم تقدم خطوة أخرى، فاشترى جارية مغنية، فكان لا يسمع أحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى تلك المغنية، ويقول أطعميه واسقيه وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد، وفي ذلك أنزل الله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين).

الثالث: إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة:

فقد أكثروا من ذلك وتفننوا فيه، فربما كانوا يقولون عن القرآن: إنه (أضغاث أحلام) أي أحلام كاذبة يراها محمد صلى الله عليه وسلم بالليل، فيتلوها بالنهار وأحياناً كانوا يقولون: (افتراه من عند نفسه) وأحياناً كانوا يقولون: (إنما يعلمه بشر) وربما قالوا: (إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون) أي اشترك هو وزملاؤه في اختلاقه: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ً) وأحياناً قالوا: إن له جناً أو شيطاناً يتنزل عليه بالقرآن مثل ما ينزل الجن والشياطين على الكهان، قال –

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير