تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كلام نفيس للشيخ الددو عن طلب العلم]

ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[16 - 09 - 06, 09:39 ص]ـ

من هنا ( http://www.dedew.net/text/fw_view.php?linkid=895)

الكلام على الطريقة المثلى لطلب العلم

ما هي الطريقة المثلى التي يتبعها طالب الحديث والفقه والتفسير؟

أنها طريقة طالب العلم تبدأ أولا بالإخلاص لله تعالى وطلب العلم ابتغاء وجهه الكريم، فمن طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا لينال به عرضا من الدنيا لم يَرِحْ رائحة الجنة، فلا بد أن يحرص على أن يكون طلبه خالصا لوجه الله الكريم، وأن يعلم أنه من أقرب القربات التي يتقرب بها إلى الله، وأنه من الخير الذي أعرض الناس عنه ولم يأمر الله نبيه r بطلب الازدياد إلا منه فقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ثم عليه كذلك أن يحقق شروط طالب العلم، وقد ذكرنا من قبل في الدروس التي تتعلق بطلب العلم هذه الشروط وهي سبعة نظمها الهلالي بقوله:

له تغرب وتواضع واترع** وجع وهن واعص هواك واتبع

وقد سبق شرحها والاستدلال لها في الدرس المختص بطلب العلم، وكذلك لا بد أن يبحث عن أركان الطلب ومنها الشيخ الناصح الذي يعلمه وينبهه، فهو من أركان العلم لا يمكن أن يكون الإنسان عالما بقراءة الكتب دون أن يعتمد على أستاذ وقد قال أبو حيان رحمه الله:

يظن الغمر أن الكتب تهدي** أخا فهم لإدراك العلوم

وما يدري الجهول بأن فيها** غوامض حيرت ذهن الفهيم

إذا رمت العلوم بغير شيخ** ضللت عن الصراط المستقيم

وتلتبس العلوم عليك حتى** تصير أضل من تَوْمَا الحكيم

فلا بد من الاعتماد على شيخ قد سبق الإنسان في الدراسة، ولو كان الإنسان أعلم منه في علوم أخرى، فالعلم جميعا لا يحرزه أحد كما قال الشافعي رحمه الله: إن العلم ثلاثة أشبار، فالشبر الأول إذا ناله الإنسان تكبر وظن أنه قد أحرز العلم كله فإذا دخل في الشبر الثاني عرف أنه لم يحرز شيئا فتواضع، والشبر الثالث لا يصل إليه أحد فهو متعذر، وهذا في زمان الشافعي فكيف بزماننا، فلهذا لا بد أن يتواضع الإنسان لمن يطلب العلم منه، وكذلك مما يعينه على الطلب وجود الطالب المثابر الذي يستفيد هو من شرهه في العلم، ومن جده وتشميره، فيشغله عن التشاغل بأمور الدنيا وعما هو مناف للطلب، ويذاكره فالتِّنَاوَةُ وهي عدم المذاكرة مضرة بطالب العلم كما قال أحد علماء هذه البلاد وهو العلامة محمد فال بن محمذ بن أحمد بن العاقل رحمهم الله يقول:

ما كالشتا وجمادى والخريف أتى** لكم جوابا كما أتى جواب متى

وما كوقت وحين لا يجاب به** وما كخمس لييلات لكم ثبتا

أما متى بما كالأربعاء أتى** جوابها وبشهر إن أضيف متى

وليس كل فتى يدري حقيقة ذا** إن التناوة تطفي فهم كل فتى

فالمذاكرة لا بد منها للطالب، وهي تدريبه على الشرح والتدريس، فكثير من الطلبة سمعوا ورووا الكثير وحفظوا كثيرا من المتون لكنهم لم يضعوا الثقة في أنفسهم حتى يعلموا شيئا مما تعلموا، فلذلك يرتعش أحدهم إذا وقف على المنبر يلقي خطبة أو يتكلم كلاما لأنه لم يتدرب وهذا التدرب لا بد منه وهو شرط للوصول إلى كرسي العلم فلا يمكن أن يكون الإنسان طالبا للعلم جادا إلا إذا زكى ما عنده وعلمه وتعود على إلقائه كما يتعود على أخذه، فطلب العلم ليس فقط بطلب أخذه بل هو بطلب أخذه وبطلب إعطائه أيضا وتلقيه والتعود على هيئة ذلك كله وسلوك أهل العلم فيه، ولذلك قال مالك رحمه الله في وصفه لأمه العالية رحمها الله وهي مولاة لآل طلحة بن عبيد الله قال: اشترت لي ثيابا جددا بيضا وعممتني بعمامة وجعلت في جيبي صرة من دراهم وقالت اذهب إلى حلقة ربيعة فتعلم من أدبه قبل أن تتعلم من علمه، وكانت امرأة عاقلة ناصحة، فأرشدت ابنها مالك بن أنس أن يذهب إلى ربيعة ليتعلم من أدبه أي من هيئته في التعليم وأدائه للعلم وتواضعه وسلوكه وهيبته قبل أن يتعلم من علمه وهذا من ذكائها، وقد أخذ منه أحد الأذكياء النبهاء في هذه البلاد أيضا وهو الشيباني رحمه الله عندما أتى بولده الشيخ محمد سعيد إلى العلامة حامد بن محمذ بن محنض بابه فقال: هذا الولد لا أريد أن تعلمه حرفا واحدا من العلم، بل أريد فقط أن يتعلم هديك وسلوكك، فلا تقوم إلا وهو معك ولا تجلس إلا وهو معك ولا تنام إلا وهو معك، فتعلم بذلك الكثير من هدي العلماء وأخلاقهم وآدابهم وسمع الكثير من العلم، فهذا أسلوب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير