1 - لقد أغلق الأعداءُ أمام الأمة الإسلامية أبواباً كثيرة في الوحدة، أقساها ما عُرف بـ"الحدود السياسية"، وكان الأولى أن تسمى "الحدود الخارجية"، يعني الخارجة عن إرادة الأمة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يغلقوا نوافذ الإيمان في قلوب المسلمين التي تطلُّ على كل مسلمي الأرض، وما علينا إلا أن نبحث -تحت هذه الظروف- عن روابط تُبقي هذه الوحدة التي ثبتت عليها القلوبُ في صور عملية ودعوية تناسب عصرنا وظروفنا، أمثال الجمعيات والمنظمات والرابطات العالمية التي تنطق بقلب واحد وقلم واحد ...
وعلى المسلم أن يتذكر دائماً أنه عضو في رحاب أمة، وأن له إخواناً يلزمهم ما يلزمه، ويُهِمّهم ما يُهِمّه، وعليه أن يمدَّ إليهم يده، ويسعفهم بما يقدر عليه من قوة.
والكتابُ ليس غايةً في حدِّ ذاته، بل هو وسيلة إلى رضى الله، من الدعوة والتعاون على ما فيه خير المسلمين.
وبالانطلاقة إلى عالم الإسلام الرحب بمثل هذه الروابط الفكرية والإيمانية يتعرّفُ المسلمون بعضَهم بطلب ربّاني حكيم؛ {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 49]، وهذا التعارف ليس نظرياً، بل إنه يتحول إلى عمل ومؤازرة وتعاون، إذا صدقت النيات، وتعاضدت الأيدي، واستمرَّ التناصح ...
وما ذكرته في هذه الفقرة إشاراتٌ إلى موضوع كبير في الوحدة الفكرية لدى الأمة، ليس هنا موضع تفصيله، لكن الكتاب الإسلامي أحد الوسائل في ذلك، فهو يساعد على التنمية الفكرية للأمة، ويشجع الحركة الثقافية على الاهتمام بالأصول والمصادر الإسلامية، ويزيد من التواصل والتقارب بين الشعوب الإسلامية ومفكريها ...
2 - أعني بـ"الكتاب الإسلامي" كل كتاب أو ما في حكمه من بحث ورسالة له علاقة بالإسلام وعلومه وتاريخه وأرضه وأهله، سواء مما كتبه المسلمون أو غيرهم، وكان في مصلحتهم أو ضدها. ويكون المعنى: تضمن الكتاب أو معالجته لموضوع إسلامي، إيجاباً كان أو سلباً. فلا يعني تزكيته عموماً.
3 - ما أشير إليه هنا من "الجمعية العالمية" مشروع كبير، ولكن لا يعني هذا أن لا نبدأ إلا به، بل قد يكون الأفضل البدء بجمعيات محلية وقومية، تكون نواة وانطلاقة إلى ما هو إسلامي عام، وهذه الجمعيات تتعاون فيما بينها كما هو مخطط له في هذه المقالة، وقد تختار رئيسًا لها ينسق بينها، كما هو مسمى "رابطة الجامعات الإسلامية" وما إليها، ويمكن أن يأتي اليومُ الذي تتحدُ فيه تحت إدارة عامة إن شاء الله ... وبالصبر والمتابعة والعزيمة القوية يُصنع كل شيء، بعد حسن التوكل عليه.
4 - إن الكتاب لا يعني ورقاً وحبراً وتسويقاً ومالاً، إنه دين وفكر وحضارة وعلم وقوة ... فإذا تراكم كل هذا وتوحَّد صار جبالاً لا جبلاً .. وهو نتاجُ أمة واحدة ولو فرَّقتها الحدود المصطنعة. والرابطة التي تجمع هذه القلوب هي التي تجمع هذه الكتب أيضاً.
5 - "الجمعية العالمية للكتاب الإسلامي" يكون هدفها معرفة ما ينشر عالمياً عن الإسلام في صورة كتب مطبوعة ورسائل جامعية وبحوث قيِّمة، وذلك من خلال وسائل وأساليب مكتبية وإعلامية ووسائل نشر مطوَّرة، بمتابعات شخصية واتصالات إلكترونية وتعاون بحثي متنوع مع دور النشر والمؤسسات والمراكز العلمية والثقافية العامة والخاصة.
6 - تنظم الإدارة العليا للجمعية الهيكل الإداري فيها، وتحدد المهام الأساسية للرؤساء والمديرين واللجان المنبثقة عنها، كما تحدد وظيفة الجمعيات المتفرعة عنها، وتختار خبراء ومتدربين في الترجمة لتترجم وتواكب ما ينشر باستمرار وتوزعه على البلدان بحسب لغاتها، وتتولى الجمعيات الفرعية في كل بلد هذه المهمة، ما عدا مهمات تكلف بها لجان متخصصة في الإدارة العليا نفسها لتوصيل المعلومات إلى أصحابها مباشرة.
7 - يكون القائمون على هذه الجمعية أو الرابطة أعلاماً متخصصين، وعلماء معروفين، لهم خدمة حسنة، ومشهود لها في الساحة الإسلامية، يوثق بهم وبأعمالهم وتوجهاتهم الخيِّرة، وتكون لهم علاقة طيبة مع المجتمع ووجهائه.
¥