تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي أيام الآحاد وأيام عطل الاحتفالات التي صادفناها هناك من الاحتفال بالجمهورية وبميلاد الرئيس وبما يسمونه بتحرير المرأة، في كل هذه الأيام تجولنا للاطلاع على أكثر مدن تونس الخضراء ومن أهمها الميناء الكبير بنزرت شمال تونس على مسافة ستين كيلو مترًا، والقيروان العاصمة الأولى للإسلام في أفريقيا الشمالية وغيرها في جنوب تونس، وزرنا جامع أبي زمعة البلوي رضي الله عنه الصحابي الجليل، ووجدنا في داخل الجامع تابوتًا يزعمون أنه قبره، فزرناه ودعونا له بعد السلام عليه، ثم زرنا جامع عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنه، وألقيت فيه درسًا نال القبول من الحاضرين.

ورزنا أيضًا قبر سحنون، وقبور الفقهاء العشرة الفقهاء الذين بعثهم عمر بن عبد العزيز لتعليم الافريقيين الدين الإسلامي، وقد ذكرهم صاحب (رياض النفوس) في شرق القيروان عند انتهاء العمران، ووجدنا سدنة يزعمون أنهم من حفدة سحنون، ولكنهم عوام يسكنون في جناح من العمارة التي فيها القبور.

ومما تنبغي الإشارة إليه: أن القبور في تونس وأنحائها يعتنى بها الناس أكثر من اعتنائهم بالمساجد.

وكذلك زرنا قصر الهلال وسوسة، والمنستير، والحمامات، وتابل، وهذه الأربعة الأخيرة من جملة الشطوط التونسية التي تجولنا فيها، ووجدنا عندها من جمال الطبيعة ما يبهر البصر، هذا كله إلى ما نشاهده من جمال البحر الأبيض المتوسط الممتد على شمال تونس، تواكبه غابات من أنواع الأشجار ومن الزيتون والرمّان والتين والسفرجل وغير ذلك، إلاّ أن السوّاح الإفرنج الذين اكتظت بهم تلك الشواطئ الجميلة بخلاعاتهم رجالهم ونسائهم شوّهوا منظر هذه الشطوط الجميلة.

هذا، وقد زرنا بلدًا آخر في غرب العاصمة يدعى (كاف (في طريق المار إلى الجزائر وهو أيضًا جميل كريم أهلُه.

وتونس كلها خضراء أشجارها وجبالها وتلولها طولها وعرضها، وهي تسير بسير الحضارة الأوربية بنسائها وشبابها وشيوخها، وقد سيطرت تلك الحضارة على تقاليد أهلها وعاداتهم، بحيث لا تكاد ترى من بين تلك الجحافل التي تواجهك من المطار أي: مطار قرطاج الدولي إلا أوربيًّا في لبسته وهيئته ولغته، هذا مع أنّ أهل تونس إمّا عربٌ أو متعرِّبون لا يوجد فيها عجمي إلا سائح، ومع هذا فاللغة الفرنسية متغلِّبةٌ على العربية الدارجة التونسية، وهذا هو مراد المستعمر في كل بلد سلخه من كلّ معنوايته حتى من لغته وإحلال لغته الأجنبية محلّ اللغة الوطنية.

هذا، وفي تونس الخضراء أقمنا 28 يومًا، ثم توجهنا إلى المغرب الأقصى رأسًا بطائرة كويتية كبيرة حديثة في مساء يوم الخميس الموافق 16/ 8/1396ه‍ إلى الدار البيضاء بالمغرب العربي، فوصلنا إلى مطارها المسمى بمطار النواصر، وبينه وبين الدار البيضاء 30كم تقريبًا، وصلنا في الساعة العاشرة ليلاً بالتوقيت الافرنجي، وقطعنا المسافة بين مطار قرطاج بتونس ومطار النواصر بساعتين ونصف، وبتنا ليلة الجمعة الموافق 17/ 8/1396ه‍ في الدار البيضاء، ومع الأسف لم يكن معنا من يدلّنا إلى محلّ مناسب في الدار البيضاء، فدرنا بتاكسي نبحث عن فندق ننام فيه إلى الصباح، وكل فندق نمرّ فيه نجده مسكونا إلى أن وقفنا بعد التعب على فنيدق غير كبير يسمى فندق كمبيطا، وفي هذا الفنيدق وجدنا غرفة صغيرة بسريرين، وبتنا إلى الصباح، حيث قمنا بالتجوّل في الأسواق، ثم صلينا الجمعة في جامع محمد الخامس

والتقينا هناك بأحد تلامذة الدكتور الهلالي اسمه علاّل، فصحبنا إلى منزل الدكتور فالتقينا به، ثم بعث معنا الأخ محمد الدرعاوي الطالب في الجامعة الإسلامية، فانتقلنا من فندق كمبيطا إلى فندق كبير يسمى بفندق الدار البيضاء، ويعد هذا الفندق أكبر فندق في أفريقيا في الدرجة الأولى في فنادق الدار البيضاء، وأقمنا فيه ثلاث ليال،

وفي الصباح من يوم الاثنين الموافق 20/ 8 توجهنا في تاكسي بصحبة الأخ محمد الدرعاوي الطالب في الجامعة الإسلامية إلى الرباط، ومررنا في طريقنا بقرى كثيرة مغطاة بالأشجار المزدهرة، ومن جملتها مصطاف الملك الحسن الثاني الصخيرات، وقد تلاقينا في طريقنا إلى الرباط مع الملك الحسن الثاني قاصدًا هذا المصيف مع موكبه وهو سائق سيارته بنفسه،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير