تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما خبر هذه المكتبة المليئة بالنفائس فقد ختم تيمور ترجمته بقوله: (وبعد وفاته، استولى محمد عارف باشا زوج أخته على كتبه فكانت له مادة ثمينة في الكتب التي طبعها بجمعية المعارف، ثم تشتتت وبيعت) (4).

ويتحدث عضو المجمع العلمي العربي في دمشق والقاهرة وبغداد الأستاذ محمد رضا الشبيبي (1306 - 1385) عن باقر التستري (ت 1327) بقوله: (كان مفتوناً بجمع الكتب فتنة قل أن تعهد في غيره، وكان إذا قدم إلى معرض الكتب في النجف كتاب مخطوط بذل النفس والنفيس في سبيله على قلة ذات يده، وربما تملق لمن ينافسه في الكتاب تملقاً لا مزيد عليه حين (المناداة) على بيعه وقد يقبل المنافس ويتعلق به ليترك له طلبته.

قال بعضهم: نافسته يوماً في كتاب و (المنادي) ينادي عليه فسألني تركه فما كان منه إلا أن أمسكني بيده قائلاً وقد تغير: أما تخشى الله؟

وله نوادر جمة في باب اقتناء الكتب، وقد جاور زمناً بمكة، واتصل بالشريف هناك واقتنى قسماً من كتبه المخطوطة فيها.

وله إلى إيران رحلات كان أهم ما يحمله عليها جمع الآثار، ولقد حصل باجتهاده على أمهات الكتب النفيسة القديمة على اختلاف موضوعاتها، ولقد شاهدنا بينها كتب الدين والفلسفة والفلك والرياضيات والشعر والتاريخ والعربية، وكان إذا اقتنى كتاباً كتب عليه بخط بديع (للحقير محمد الباقر) وخطه معروف يُشار إليه عند الصحفيين وفي أسواق الكتب ومعارضها.

ولما عُرضت كتبه للبيع سنة 1329هـ وكان فيها أكثر من ألف مجلد مخطوط نودي عليها عدة أسابيع، وكنت ممن يحضر (المناداة) فشاهدت فيما شاهدت ما يدهش المتأمل من آثار نادرة في بابها ونفائس مخطوطات قليلة الوقوع حتى في أمهات بيوت الكتب الكبيرة في العالم، وذلك مثل كتاب (مشارق الأنوار) للقاضي عياض الذي كان يظن أنه أصبح أثراً بعد عين وكتاب (العين) للخليل الفراهيدي، وكتاب (الزينة) لأبي حاتم، وكتاب (غريب أبي عبيد) وكتاب (طبقات القراء) وشرح (تذكرة الطوسي) في الفلك للخفري وشرحها أيضاً للسيد الشريف، وقد ملكتهما، و (القول المأنوس) وهو وجيز، حاشية على القاموس، وغير ذلك من شواذ الأسفار الكبيرة التي لم تمثل بعد للطبع كبعض مؤلفات الثعالبي المعروف، ووقفت أيضاً بين كتبه على كتاب (وفيات الأعيان) بخط مؤلفه قاضي القضاة ابن خلكان، هذا ما عدا ما لا أقدر أن آتي عليه في هذه العجالة، وبالجملة ذهبت كتبه بثمن بخس وبيعت بصفقة خاسرة ولو نودي على هذه الكتب في أسواق الغرب لذهبت بزنتها لجينا (5) على أن مبتاعها غير مغبون) (6).

وهذا الشيخ محمد نعيم اللكنوي (ت 1318) يتحدث عنه مؤرخ الهند السيد عبد الحي الحسني (1286 - 1341) بعد أن نَعتَ المترجم بقوله: (الشيخ الفاضل الكبير ... أحد كبار العلماء).

قال: (وكان حريصاً على جمع الكتب النفيسة، يقبل هدايا الكتب، وإنه باع داره التي كانت على جسر فرنكي محل، في مدينة لكنئو - واشترى بثمنها حاشية الطحطاوي على الدر المختار بستين ربية) (7).

وبعد إيراد ما تقدم من أخبار المفتونين بجمع الكتب أورد قصة تلخص ما سبق بأن المعول عليه هو ما يجتنى من ثمرات الكتب لا أن نملأ بها الخزائن والرفوف.

فقد دعا أحد الفضلاء شيخنا السيد عبد الله الغماري فأطلعه على مكتبته الضخمة التي حوت من كل فن وعلم فقال هذا الداعي الكريم: ما رأيكم في هذه المكتبة فأجاب شيخنا على البديهة تحتاج أن تقرأها!

محمد بن عبد الله آل رشيد

****

(1) (الأعلام) (1 - 100).

(2) أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث (ص 184 - 185)

(3) ترجمته في: (الأعلام) (8 - 29).

(4) (أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث) (ص 204 - 205).

(5) اللجين هي الفضة.

(6) (لغة العرب) (2 - 371 - 372) تحت عنوان (صرعى الكتب والمكتبات في العراق).

(7) نزهة الخواطر (8 - 1375) المطبوع باسم (الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام).

منقول

http://search.al-jazirah.com.sa/2005jaz/jul/3/wo4.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير