تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أعظم ماينبغي على المسلم اتباع سنته صلى الله عليه وسلم والتأسي به فهذه هي الكرامة التي ليس بعدها كرامة والمنزلة الخاصة في منازل أمته قال ابن حبان في مقدمة صحيحه (وإن لزوم في لزوم سنته: تمام السلامة وجماع الكرامة لا تطفأ سرجهاولا تدحض حججها من لزمها عصم ومن خالفها ندم إذ هي الحصن الحصين والركن الركين الذي بان فضله ومتن حبله)

فغاية ما يرجوه عبد الوصول إلى الهداية التي ينال بها كرامة الله في الدنيا والأخرى قال تعالى ((وأن تطيعوه تهتدوا))

وقال عز من قائل ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)) قال ابن كثير رحمه الله هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.

وهذه وصيته صلى الله عليه وسلم للأولين والآخرين ففي المسندعن العرباض بن سارية قال (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب

قلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فما تعهد إلينا؟

قال (قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)

قال ابو عبدالله الحاكم في أهلها (قوم سلكوا محجة الصالحين واتبعوا آثار السلف من الماضين فعقولهم بلذات السنة غامرة وقلوبهم بالرضا في الأحوال عامرة تعلم السنن سرورهم ومجالس العلم حبورهم)

فحافظ السنة من قبل الباري محفوظ والآخذ بها إلى ناصية الحق مأخوذ ?والعامل بها معامل برحمة الله في الدنيا والآخرة والمحتاط بها محاط بنور الإيمان الذي يحمله إلى بر الأمان

قال الجنيد رحمه الله (الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثره صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته

فالسنة سبيل الهداية والرشد إلى الحق والسلامة من الوقوع في البدعة (قال تعالى (وإن تطيعوه تهتدوا) وقال تعالى (وليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة)

كيف لا وهوة مسترشد بسلوك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى

وسنة أحمد سبب محبة الله تعالى للعبد وبرهان محبة العبد لله عز وجل القائل في تنزيله (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)

و في الحديث القدسي قال جل وعلا (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به بصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه)

فأين ينشد عبد كل هذا الحب والكلأة والقرب في غير السنة فمن لم يجدها فيها فليس لها بواجد

والتمسك بالسنة المحيي لها المتحلي بها عند اندراسها أوهجران الناس لها من الغرباء الذين بدأ بهم الإسلام ويعود إليهم

قال صلى الله عليه وسلم ((إن من ورائكم أيام الصبر للمتسك فيهن يومئذٍبما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا يا نبي الله أو منهم قال بل منكم))

روى الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (أن عبدالله بن الحسن كان يكثر الجلوس إلى ربيعة رحمه الله فتذاكروا يوما السنن فقال رجل ليس عمل الناس على هذا فقال عبدالله: أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام أفهم الحجة على السنة

فقال ربيعة أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء)

ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم الانتصار لسنته والذب عنها ورد المخالف لها وبيان الحق منها الأصيل وتفنيده من الباطل الدخيل وذلك ببيانها وبيان فساد مايخالفها ولا يخاصم في ذلك ولا يمارى ولا يجادل بل الحق ألسير في بيانها فلربما أعطى بيانها أثرا ونفعا أعظم مما يراد بالخصام والجدل نقل ابن يعلى في طبقات الحنابلة عن أحمد رحمه الله انه قال (أخبر بالسنة ولا تخاصم عليها)

وقال الهيثم بن جميل قلت لمالك بن أنس يا أبا عبدالله الرجل يكون عالما بالسنة أيجادل عنها قال: لا ولكن يخبر بالسنة فإن قبلت منه وإلا سكت).قال الإمام أبو بكر الآجري في كتا الشريعة

وعليكم بعد ذلك بالسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه رضي الله تعالى عنهم،وقول التابعين وقول أئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم مع ترك المراء والخصومة والجدال في الدين فمن كان على هذا الطريق رجوت له من الله عز وجل كل خير.

ولقد ضرب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم المثل في التأسي والعمل بالسنة كان حقا على من بعدهم أن يسير على طريقهم

أخرج البيهقي (أن عبدالله ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وحاله ويهتم به حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك)

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي الصحفة فلم أزل أحب الدباء من ذلك اليوم "

وبوب النووي على هذا الحديث في شرحه على صحيح مسلم (باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين)

هذا ولاتكن السنة آخر ما ينظر إليه فلا يؤتى بها إلا على سعة بل ينبغي مجاهدة النفس عليها وحملها إليها قال سهل بن عبدالله التستري رحمه الله ((على الخلق من الله: أن يلزموا أنفسهم سبعة أشياء: فأولها الأمر والنهي _ وهو الفرض _ ثم السنة ثم الأدب ثم الترهيب ثم الترغيب ثم السعة).

وهذا الذي عليه نوطن انفسنا ونراه أصدق نصرة لديننا ونبينا والذي كفى نبيه في حياته والسيوف حوله تتهاوى كافيه أبدا

ففي الصحيحين عن سعد، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد. وفي رواية: يعني جبريل وميكائيل.

وفق الله الجميع لمراتب العبودية العليا فمن على بهمته الى الله وأحسن به الظن وأحسن له المقصد وأحسن لنبيه الاتباع علا في مرتبته في الدنيا وفاز بالآخرى

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير