فقال: مالي به علم. وأشار بيده إلى مكانه. فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: «أيْ غُدَرَ ما حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ»
قال: والذي بعثك بالحق لأمرني به حمزةُ وأصحابه.
فأرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابيَّ وقال: «شَأنُكُم بِهَا». فأكلوها.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكرَ صنيعه ضحك حتى تبدو نواجذُه.
وهو مع ذلك على جادة الديانة في الصدق والأمانه
عن عبد الله بن الحارث بن جَزء رضي الله عنه قال: «ما رأيتُ رجلاً أكثر مزاحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم».إلا أنه لا يلتفت عن الحق والصدق قيد أنملة)
أخبر أنس رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: احملني.
فقال: «إنّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ».
قال: وما أصنع بولد الناقة؟
فقال: «وهل تَلِدُ الإبْلَ إلاَّ النُّوقُ».
وفي يوم دخلت عليه صلى الله عليه وسلم عجوز فسألته عن شيء فقال لها ومازحها: «إنَّه لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَجُوزٌ» وحضرت الصلاة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فبكت بكاءً شديداً، حتى رجع النبي صلى الله عليه وسلم.
فقالت عائشة: يا رسول الله، إن هذه المرأة تبكي لما قلت لها: إنه لا يدخل الجنة عجوز.
فضحك وقال: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَجُوزٌ، بل عربا أترابا
جوده
وأما جوده وكرمه فهل رأيت أجود من ريح أرسلت في يوم مطير تحمل سحائب رحمة تكن غيثا يهمي بخير فإن رسول الله منها أجود
الجود مكرمة والبخل مبغضة لا يستوي البخل عند الله والجود
عن جابر رضي الله عنه قال: «ما سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال لا».
ولا تسل عن صفة عطائه أتاه رجل فسأله، فأمر له بشاءٍ كثير بين جبلين من شاء الصدقة. فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة
لا يضيق ذرعا بكثرة السؤال ففاقت نفسه كرما نفس الماء الزلال
شهد جُبير بن مطعم رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقفله من حُنَين عَلقه الأعراب يسألونه، حتى اضطرّوه إلى سَمُرَة فخطفت رداءه.
فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أتَخْشَوْنَ عَلَيَّ البُخْلَ؟ فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هذه العِضَاهِ ذَهَباً لَقَسَمْتُه بَيْنَكُم، لا تَجِدُونِي بَخِيْلاً ولا كَذَّاباً ولا جَبَاناً».
و هذا هارون بن رئاب شاهد عين آخر قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألف درهم، وهو أكثرُ مالٍ أتي به قط، فوضع على حصير، ثم قام فقسمه، فما ردَّ سائلاً حتى فرغ منه
له في ذوي المعروف نعمى .... مواقع ماء القطر في البلد القفر
إذا ما أتاه السائلون لحاجة .... علته مصابيح الطلاقة والبشر
وقديما قيل أنما يعرف الكرام عند الحوائج
شجاعته
إن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصيبه وإن الأيام معدودة وإن الآجال مضروبة لا يستأخر فيه أحد عن يومه ولا يستقدم ولا يستقدم وهذا باعث لا يذر للخوف في القلب مكانا وليس من احد أشد بذلك يقينا من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
فكان محمدا صلى الله عليه وسلم اشجع الشجعان وأثبت الفرسان بطلا صنديدا تصير رقة قلبه عند اللقاء حديدا تتهافت أمام شجاعته صروح إقدام الكماة وتصغر في عين شجاعته هيبة الطغاة
قال علي رضي الله عنه: «لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذُ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ».
وعنه رضي الله عنه قال: «كنا إذا احمرَّ البأس ولقي القومُ القومَ اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان أحدٌ أقرب إلى العدو منه».
يرى الجبناء ان العجز عقل وتلك خديعة الطبع اللئيم
وكل شجاعة في المرء تغني ولا مثل الشجاعة في الحكيم
.الحياء لا يأتي إلا بخير فألبسه الله منه أبهى حلة
قال أبو سعيد الخدري: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خِدْرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه».
ولكنه حياء لا يبعث على ترك الحق والنصح للخلق رأى مرة على رجل صُفْرَةً فكرهها فقال: «(لَوْ) أمَرْتُمْ هذا أنْ يَغْسِلَ هذه الصُّفْرَة».
¥