ولربما في كفة الميزان مكارم أمور لم تكن توزن وأفعال في عين المحامد لم تكن تذكر فأتت منه صلى الله عليه وسلم ما أطيبها ما أعذبها ما أبعد مرماها
كان محبا للتيمن ويأمر به فاليمين نبا عنها الشيطان وهي من صفات الرحمن فكلتا يديه يمين
قالت عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ شيئاً أخذه بيمينه، وإذا أعطى أعطى? بيمينه، ويبدأ بميامنه في كل شيء».
كان فصيحا بليغا وكم من فصيح تغيب روعة بيانه في لوثة تقعره وغثاثة تفيهقه وتكلفه
ومع صدقِ العبارةِ وبلاغةِ المنطق وسهولة العرض أوتي صلى الله عليه وسلم جوامعَ الكلمِ فلا تزال المعاني تعظم في نظام منطقه صلى الله عليه وسلم حتى تتجسد حساً يرى كما يسمع.
قالها الحبر ابن عباس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم رُئي كالنور من ثناياه».
إعراضه عن الدنيا
همه الآخرة ودعوته إلى الدار الآخرة وما لدنيا في عينه قذاه، أعرض عنها وزهد فيها،ولنا فيه أسوة حسنة
قال أنس لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف واحْتَذى المخصوفَ، ولبس خَشناً، وأكل شِبْعاً، فسألنا الحسن: ما الشبع؟
قال: غليظُ الشعير، ما كان يسيغه إلا بجرعة ماء.
بأبي وامي يا رسول الله عشت حميدا وفارقت حميدا
فما أحسن القول للمستكثرين بزعمهم أن الله أحب مطلق التنعم ليس أثر النعمة هو عينها كما أنه ليس أثر المسير عين المسير ولا البعرة هي شخص البعير
إن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعرف خلق الله بما أحب الله وأرضاهم لله وألزمهم لمحاب مولاه وهذه سنته وسيرته حية تنطق
سائر سفر لا محل لرحله فيها الا لقيلولة أو مبيت ثم هو يرتحل
هكذا صورها روت عائشة قالت: اتخذتُ فراشين حَشْوهما ليف وإذْخَر، فقال: «يا عَائِشَةُ، مَالِي وللدُّنْيَا، أنَّمَا أنا والدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَقَالَ فِي أصْلِهَا، حَتَّى إذا فَاءَ الفَيْءُ ارْتَحَلَ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهَا أبَداً»
وعنها رضي الله عنها وعن أبيها «ما رفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قط عشاء لغداء ولا غداء لعشاء، ولا اتخذ من شيء، زوجين، لا قميصين ولا رداءين ولا إزارين ولا من النعال، ولا رئي قط فارغاً في بيته، إما يخصف نعلاً لرجل مسكين أو يخيط ثوبا)
ليس لأن الجوع والقلة محبوبة في ذاتها ولكنها مدرسته صلى الله عليه وسلم تعلم أن التخفف من الدنيا لسرعة السير إلى الأخرى وما استثقل عبد من متاعها إلا وثقل عن الآخرى وكان السؤال له أضنى
فقل لأصحاب الفرش الوثيرة التي تتخدر عليها جنوبهم فلا تتجافى لفريضة فضلا عن قيام ليل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: سأَلتُ عائشةَ: ما كان فراشُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: مِسْحٌ ثَنَيْته ثَنْيتين فنام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت لو ثَنَيْتُه أربع ثنيات كان أوْطأَ له. فثنيناه أربع ثنيات.
فلما أصبح قال: «مَا فَرَشْتُم لِي اللَّيْلَة؟».
قالت: قلنا هو فراشُك، (إلاّ أنّا ثَنيْناه بأَربع ثنيات) قلنا هو أوْطأ لك.
قال: «رُدُّوه لِحَالَتِه الأولَى، فإِنَّه منَعَنِي وطْأَتُه صَلاَتي اللَّيْلَة»
وقل لمن سلبت لبهم دنيا الغرب ورفاهية الأباطرة قال أنس: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مُضْطَجع مزمَّل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أَدَم حَشْوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انحرافةً، فلم يَرَ عمر بَيْنَ جنبيه وبين الشريط ثوباً، وقد أثَّر الشريطُ بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يُبْكِيْكَ؟».
قال: والله ما أبكي إلا أن أكون أعلم أنك أَكْرمُ على الله مِنْ كسرى وقيصر، وهما يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا، وأنت رسولُ الله بالمكان الذي أرى.
قال: «أَما تَرْضَى أنْ تَكُونَ لَهُم الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ»؟
قال: بلى.
قال: «فَإنَّه كَذَلِكَ»
قل للفرحين بما بما آتاهم الله من فضله الآنسين بها عن منازل الصالحين وموارد المجاهدين عن نوفل بن إياس الهُذَلي قال: أتينا بيتَ عبد الرحمن بن عوف بصحفةٍ فيها خبز ولحم، فلما وضِعت بكا عبدُ الرحمن، قلت: ما يبكيك؟
¥