قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع وأهلُ بيته من خبز الشعير، ولا أرى أنَّا أُخِّرنا لما هو خيرٌ لنا
قل لمن ظن العزة والوجاهة والشرف في كثرة العرض وفتنه بهرج الدنيا وصغر في عينه الفقراء والمساكين قل له قولة عمرو بن مهاجر: كان متاع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر بن عبد العزيز في بيتٍ ينظر إليه كلَّ يوم، وكان إذا اجتمعت إليه قريش أدخلهم ذلك البيتَ ثم استقبل ذلك المتاعَ فيقول: هذا ميراثُ مَنْ أكْرَمكم الله وأعزَّكم به. قال: وكان سريراً مزمَّلاً بشريط، ومِرْفَقةً من أَدم محشوة ليفاً، وجَفْنة وقَدَحاً وثوباً، ورحًى وكنانةَ فيها أَسْهُم، وكان في القطيفة أثرُ رشح عرق رأسه أطيب من ريح المسك.
وقل لمن أصابه جهد الفاقة وآلمته لسعة الفقر إن احتساب البؤس سمة أهل الصبر الذين يوفون أجرهم يومئذ بغير حساب وعن أبي هريرة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالساً، فقلت: ما أصابك يا رسول الله؟
قال: «الجُوعُ».
فبكيتُ. قال: «لا تَبْك يَا أبَا هُرَيْرَةَ، فإنَّ شِدَّةَ الجُوعِ لا تُصِيْبُ الجَائِعَ، يَعْنِي فِي القِيَامَةِ إذا احْتَسَبَ في دَارِ الدُّنْيَا».
وهو مع ذلك لا يحرم ما احل الله له فلا يمتنع عن لبس واكل ما يتفق له ولكن لا يقصده قصدا ولا يجعله هما
وعلى من أراد بالعباد نصحا في غلبت فيه الدنيا واطبق الترف أن يذكرهم بمثل هذا ومهما توافرت بين أيدينا النعم محرومون نحن ما غابت عنا هذه المعاني وهذه السيرة ولا حياة لنا حتى نستلهمها ونعظمها
عن سَمِاك ين حرب قال: سمعت النعمان بن بشير (يقول: سمعت عمر بن الخطاب) يخطب فذكَر عمر ما أصاب الناس من الدنيا فقال: لقد رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دِقْلاً يملأ به بطنه.
في قصر أمله صلى الله عليه وسلم
أتاه جبريل ومن جبريل يتلقى الخير وحيا فقال يا محمد عش ما بدى لك فإنك ميت وأحببت من شئت فإنك مفارقه واعمل مابدى لك فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن في قيام الليل وعزته في استغنائه عن الناس "
فما غابت هذه العظات عنه ولا فارقت سيرته صلى الله عليه وسلم بل كان ترجمانا حيا للوحي والقرآن قصر أمله وجد إلى الله سيره
قال: أبو سعيد الخدري اشترى أسامة بن زيد وليدة بمائة دينار إلى شهر، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ألاَ تَعْجَبُونَ منْ أُسَامَةَ المُشْتَرِي إلَى شَهْرٍ؟» «إنَّ أُسَامَةَ لَطَويْلُ الأَمَلِ، والذي نَفْسِي بِيَدِه مَا طَرَفَتْ عَيْنَايَ إلاَّ ظَنَنْتُ أنَّ شَفْرَيَّ لا يَلْتَقِيَانِ حَتَّى أُقْبَضَ، ولاَ رَفَعْتُ طَرْفِي فَظَنَنْتُ أنِّي واضِعُه حَتَّى أُقْبَضَ، ولاَ لَقَمْتُ لُقْمَةً فَظَنَتْتُ أنِّي لاَ أسِيْغُهَا حتَّى أَغُصَّ بِهَا مِنَ المَوْتِ».
ثم قال: «يَا بَنِي آدَمَ إنْ كُنْتُم تَعْقِلونَ فَعُدُّوا أنْفُسَكُم منَ المَوْتَى، والذي نَفْسِي بِيَدِه إنَّما تُوعَدُونَ لآتٍ ومَا أنْتُم بِمُعْجِزِينَ».
عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهريق الماء فيتمسح بالتراب، فأقول: يا رسول الله، إن الماء منك قريب.
فيقول: «ومَا يُدْرِيْنِي لَعَلِّي لاَ أبْلُغَه».
من عبادته صلى الله عليه وسلم
علم صلى الله عليه وسلم واعتقد وحقا أن نعلم ونعتقد ما اعتقد انه عبد لله مسؤول بين يدي ربه فلاذ بجنبه واجتهد في مرضاته وقد غفر له ما تقدم وما تاخر من ذنبه
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تنفطر رجلاه.
قالت عائشة: يا رسول الله، أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: «يَا عَائِشَةُ، أفَلاَ أكُوْنُ عَبْدًا شَكُورًا».
ولربما أحيا ليله بآية من كلام الله
فعن أبي ذر قال: «صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فقرأ بآية حتى أصبح، يركع بها ويسجد بها: {س5ش118إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ?لْعَزِيزُ ?لْحَكِيمُ} (المائدة: 118)
. فلمِّا أصْبَح قلت: يا رسول الله، ما زلتَ تقرأ هذه الآية حتى أصبحتَ تركع بها وتسجد بها.
قال: «إنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ الشَّفَاعَةَ لأُمَّتِي، فأَعْطَانِيْهَا، وهيَ نَائِلَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ لا يُشْرِكَ بِالله شَيْئاً».
¥