الحضارات العالمية والثقافات العالمية يقصر ذلك الجبل على كتاب الله وحده. . في فترة تكونه. . . وإنما كان ذلك عن تصميم مرسوم ونهج مقصود. يدل على هذا القصد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة من التوراة وقوله:
(حسن) (إنه والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني) (2)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد صنع جيل خالص القلب. خالص العقل. خالص التصور. خالص الشعور. خالص التكوين من أي مؤثر آخر غير المنهج الإلهي الذي يتضمنه القرآن الكريم
ذلك الجيل استقى إذن من ذلك النبع وحده فكان له في التاريخ ذلك الشأن الفريد ثم ما الذي حدث؟
اختلطت الينابيع صبت في النبع الذي استقت منه الأجيال التالية فلسفة الإغريق ومنطقهم وأساطير الفرس وتصوراتهم وإسرائيليات اليهود ولاهوت النصارى وغير ذلك من رواسب الحضارات والثقافات واختلط هذا كله بتفسير القرآن الكريم وعلم الكلام كما اختلط بالفقه والأصول أيضا. وتخرج على ذلك النبع المشوب سائر الأجيال بعد ذلك الجيل فلم يتكرر ذلك الجيل أبدا)
ثم ذكر - رحمه الله - عاملين آخرين ثم قال (ص 17):
(نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية. . . تصورات الناس وعقائدهم عاداتهم وتقاليدهم موارد ثقافتهم فنونهم وآدابهم شرائعهم وقوانينهم. حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية وتفكيرا إسلاميا. . . هو كذلك من صنع هذه الجاهلية
لذلك لا تستقيم قيم الإسلام في نفوسنا ولا يتضح تصور الإسلام في عقولنا ولا ينشأ فينا جيل ضخم من الناس من ذلك الطراز الذي أنشأه الإسلام أول مرة
فلابد إذن في منهج الحركة الإسلامية أن نتجرد في فترة الحضانة والتكوين من كل مؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها ونستمد منها. لا بد أن نرجع ابتداء إلى النبع الخالص الذي استمد منه أولئك الرجال. النبع المضمون الذي لم يختلط ولم تشبه شائبة نرجع إليه نستمد منه تصورنا لحقيقة الوجود كله ولحقيقة الوجود الإنساني ولكافة الارتباطات بين هذين الوجودين وبين الوجود الكامل الحق: وجود الله سبحانه. . . ومن ثم نستمد تصوراتنا للحياة وقيمنا وأخلاقنا ومفاهيمنا للحكم والسياسة والاقتصاد وكل مقومات الحياة
ثم لا بد لنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي والتصورات الجاهلية والتقاليد الجاهلية والقيادة الجاهلية في خاصة نفوسنا. . . ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي ولا أن ندين بالولاء له فهو بهذه الصفة. . . صفة الجاهلية. . . غير قابل لأن نصطلح معه. إن مهمتنا أن نغير من أنفسنا أولا لنغير هذا المجتمع أخيرا
وسنلقى في هذا عنتا ومشقة وستفرض علينا تضحيات باهظة ولكننا لسنا مخيرين إذا نحن شئنا أن نسلك طريق الجيل الأول الذي أقر الله به منهجه الإلهي ونصره على منهج الجاهلية) "
مقدمة مختصر العلو للشيخ اللألباني رحمه الله
(1) أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد عنها
(2) قلت: هو حديث حسن أخرجه الدارمي وأحمد وغيرهما وقد خرجته في (إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل) (1589)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 - 07 - 08, 10:00 ص]ـ
الذي يحضرني من كتب الرقائق مما تستحق أن تكون ضمن القائمة:
1 - إحياء علوم الدين للغزالي
!! حبيبنا محماس أين انت من طوام هذا الكتاب عليك بتهذيبه بارك الله فيك المسمى
" تهذيب موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين " لمحمد جمال الدين القاسمي. "
وإليك رابط الكتاب مصور http://www.pdfbooks.net/vb/showthread.php?p=32903
2- مدارج السالكين لابن الجوزي
الكتاب لابن قيم الجوزية وليس لابن الجوزي
وأصله هو كتاب (منازل السائرين) للهروي
ولكن جاء ابن القيم بشرحه على الكتاب وسمي " مدارج السالكين " وحاول ابن القيم في هذا الكتاب أن يغسل ما حوى كتاب (منازل السائرين) للهروي من خرافات الصوفية المتعمقة في الطريقة المتمسكة برسومها و غاياتها و مبادئها، وحاول جعله مناراً للرشد ودليلاً لصراط الله المستقيم بشرح متن منازل السائرين و تبسيطه وردّ أخطاءً و أوضح أوهاماً و شطحات وقع فيها الهروي فاستطرد في رده و توضيحه مع كثير من المخاطبات القلبية ذات القيم التربوية.
بدأ المؤلف الكلام على فاتحة الكتاب كلاماً بديعاً نفيساً وتكلم عن العبودية، ثم الكتاب عبارة عن فصول عديدة و منازل للعبودية.
بارك الله فيك
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 - 07 - 08, 11:31 ص]ـ
كتب أثنى عليها العلماء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139011)
لو انتقيتم أيضا من هذا الموضوع ماترونه مناسبا لينضم إلا المائة
ـ[محماس بن داود]ــــــــ[08 - 07 - 08, 10:41 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبو زارع
الحقيقة أنني اطلعت على تهذيبات ومختصرات لكتاب الإحياء فوجدتها لا تفي بغرض المؤلف، والإحياء من الكتب الجميلة المفيدة، وهناك طبعات أضيف إليها تعليقات الحافظ العراقي، ولو قام بعض العلماء اليوم بالتعليق على بعض ما ورد في الكتاب من تصوف وأمور عقدية لكان في ذلك خير كثير.
أما مدارج السالكين فقد سبقت أناملي عقلي فكتبت ابن الجوزي بدل ابن القيم، ولابن الجوزي كتاب المدهش، وهو جميل.
وجزاك الله خيرا على الرابط