وإذا ما توسع في قراءة كتب التخريج السابقة، ويدرس كتاباً من الكتب الحديثة في أصول التخريج، مثل (أصول التخريج ودراسة الأسانيد) للدكتور محمود الطحان. ثم يدرس كتاباً أو أكثر في علم الجرح والتعديل، مثل (الرفع والتكميل) للكنوي، وأحسن منه (شفاء العليل) لأبي الحسن المصري. ويدرس أيضاً كتاباً من الكتب التي تعرف بمصادر السنة، كـ (الرسالة المستطرفة) للكتاني، و (بحوث في تاريخ السنة النبوية) للدكتور أكرم ضياء العمري.
ثم يبدأ بالتخريج ودراسة الأسانيد بنفسه، وكلما بكر في ذلك (ولو من أوائل طلبه) كان ذلك أعظم فائدة وأكبر عائدة؛ لأن ذلك يجعله يطبق القواعد فلا ينساها، ويتعرف على مصادر السنة ومناهجها، ويتمرن في ساحات هذا العلم. والغرض من هذا التخريج – كما سبق – هو الممارسة للتعلم، لا للتأليف؛ وقد تقدم الحديث عن أهمية هذه الممارسة في علم الحديث.
وأثناء قيامه بالتخريج، عليه أيضاً أن يخص علم الجرح والتعديل التطبيقي بمزيد عناية كذلك؛ وذلك بقراءة كتبه الكبار، مثل: (تهذيبالتهذيب) لابن حجر، و (ميزان الاعتدال) للذهبي؛ وكتبه الأصول، مثل: (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم، و (الضعفاء) للعقيلي، و (المجروحين) لابن حبان، و (الكامل) لابن عدي، وكتبه التي هي أصول الأصول، مثل: تواريخ يحيى بن معين وسؤالاته هو والإمام أحمد، (التاريخ الكبير) للبخاري، ونحوها. وهو خلال قراءته هذه يحاول أن يوازن بين استخدام الأئمة لألفاظ الجرح والتعديل وما ذكر عن مراتب هذه الألفاظ في كتب المصطلح. وإن مر به أحد الرواة الذين كثر الاختلاف فيهم، فعليه أن يطيل في دراسته، فإن هؤلاء الرواة مادة خصبة للدراسة والاستفادة.
وما يزال الطالب في الترقي العلمي في قراءة كتب علوم الحديث، فلا يدع منها شاردة ولا واردة، وفي التوسع في التخريج، وفي تمحيص علم الجرح والتعديل؛ حتى يصل إلى منزلة يصبح قادراً فيها على دراسة كتب العلل، مثل: (العلل) لابن المديني، والترمذي، وابن أبي حاتم، وأجلها (علل الأحاديث) للدارقطني. فيقرأ الطالب هذه الكتب قراءة تدقيق شديد، وتفقه عميق؛ ليدري بعضاً من أساليب الأئمة في عرض علل الأحاديث، وطرائق اكتشاف تلك العلل، وقواعد الحكم على الأحاديث.
فإذا وصل طالب الحديث إلى هذه المرحلة، فلابد أن رأسه قد أمتلأ بالمشاريع العلمية والبحوث الحديثية، التي تزيده تعمقاً في علم الحديث. فليبدأ (على بركة الله) مشوار العلم الطويل!!!!!!!، منتفعاً ونافعاً مستفيداً مفيداً.
فإن بلغ طالب الحديث هذه الرتبة، وأسبغ الله عليه نعم توفيقه وتسديده، ومد عليه عمره في عافية، وطالت ممارسته لهذا العلم؛ فيا بشرى العالم الإسلامي، فقد ولد له محدث!!
وأنبه – أخيراً – أن هذه المنهج التعليمي إنما نطرحه للطالب الذي لم يجد من يوجهه. أما من وجد عالماً ربانيا يعتني به توجيهاً وتعليماً، فعليه أن يقبل عليه بكليته، وأن يلزم عتبة داره؛ فهو على خير عظيم، وعلى معارج العلم يترقى، ما دام جاثياً في حلقة ذلك العالم.
والله أعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وكتب
الشريف حاتم بن عارف بن ناصر العبدلي العوني
من كتاب نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
ـ[ياسمى]ــــــــ[29 - 02 - 08, 06:18 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك و نفع بك و لا حرمك الأجر و الثواب
ـ[عبدالله المعدي]ــــــــ[26 - 03 - 08, 05:13 م]ـ
جزاكم الله خير جميعاً
ـ[محمد صبحي عبد الوهاب]ــــــــ[13 - 04 - 08, 04:10 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[28 - 04 - 08, 11:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[السوالمي]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وجعله العمل في ميزان حسناتك!!!
ـ[خالد المراكشي]ــــــــ[13 - 05 - 08, 02:07 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب على هذا الموضوع الجميل و المفيد
ـ[جمال العوضي]ــــــــ[14 - 05 - 08, 12:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرَّحيم
الأخوة الأحبَّة
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥