تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[08 - 11 - 06, 01:09 م]ـ

ثانيا: دعوته إلى إنشاء الجمعية

لقد كان تأسيس جمعية للعلماء والدعاة العاملين على ساحة الدعوة تجمع الجهود لتصب في اتجاه واحد، وتوقظ الأمة وتنشر فيها الوعي والعلم وتجدد لها أمر دينها أمنية من أماني الشيخ العربي التبسي، وقد كان ممن هيأ الأجواء لتأسيسها بمجموعة من المقالات نشرت له في الشهاب ومن أصرحها في ذلك المقال الذي نشره سنة (1926) بعنوان " أزفت ساعة الجماعة وتحرم عصر الفرد "والذي قال فيه: «فإن هذا العصر عطل الفرد ونبذ حكمه، وأمات مفعوله، وتجاهل وجوده، فأينما أملت سمعك أو أرسلت نظرك في الشرق أو الغرب، لم تجد إلا أمة فحزبا فهيأة منها وإليها كل شيء، فهي التي تذب عن الهيأة الاجتماعية، وتحرس الأمة في نوائب الدهر وعادية الأيام، وتغار على كرامتها وحسن الحديث عنها، وتأخذ بيدها قبل أن تغرق عند هبوب السماسم ولفح الأعاصير، وتكون لسانها الناطق بطلباتها، وحسها المتألم لألمها» [المقالات (1/ 55)]. وقد تألم الشيخ أكثر لعدم شعور الأمة بحالها المزري ولطول نومها وسباتها، تألم ألما لم يقدر على كبته فسطر مقالات عناوينها صيحات، أراها لا تزال صالحة أن يخاطب بها أهل زماننا فقال: «هذه جزائركم تحتضر أيها الجزائريون فأنقذوها». وقال: «ألا أيها النوام هبوا». وقال: «الجزائر تصيح بك أيها الجزائري أينما كنت». واسمع إلى هذه الكلمات المعبرة التي أبيت إلا نقلها: «بكائي على الإسلام ومبادئه ونحيبي على وحدة الدين الذي أضاعه بنوه، الذي أمر بالجماعة وحث عليها، بل وجعل المنشق عنها في فرقة من الدين وعزلة عن الإسلام وعداء لأهله. والذي فلق الحب وبرأ النسمة لو أن امرأ مسلما مات أسفا وحزنا على حالة هذه الأمة لكان له عند الله العذر. أيطيب لنا عيش مع هذه الحالة؟ …» [المقالات (1/ 60 - 61)]. وتحقق ذلك الأمل في 5 ماي 1931م بتأسيس جمعية العلماء المسلمين.

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[08 - 11 - 06, 01:10 م]ـ

ثالثا: أهم نشاطاته بعد إنشاء الجمعية

-في سنة 1932م ألح عليه سكان مدينة "تبسة" بأن يرجع إليهم فاشترط عليهم تأسيس مدرسة ومسجد فوافقوا على شرطه، فرجع وأسس " مدرسة تهذيب البنين والبنات " التي جهزت تجهيزا عصريا، وبلغ عدد تلامذتها عام افتتاحها 1934م خمسمائة تلميذ، وبجانب المدرسة بنى مسجدا جديدا لا يخضع لمراقبة الإدارة.

-وفي سنة 1935م تم تعيينه كاتبا عاما للجمعية خلفا للعمودي كما كان رئيس لجنة الفتوى فيها.

-وفي1940 انتخب الشيخ التبسي نائبا لرئيس الجمعية الجديد الإبراهيمي الذي كان منفيا في "أفلو"، وابتدأ التدريس في الجامع الأخضر في السنة نفسها.

-وفي سنة 1942م قررت جمعية التربية والتعليم بقسنطينة نقل نشاطها الذي كان بالجامع الخضر إلى تبسة نقلا مؤقتا ليشرف عليه الإمام التبسي عن قرب.

-وبعد افتتاح معهد عبد الحميد بن باديس عام 1947م انتقل إلى قسنطينة بعد أن أسندت إليه مهمة إدارته وقد بقي على رأسه إلى يوم غلقه سنة 1956م. ولم يكن انتقاله إلى قسنطينة أمرا سهلا بالنسبة لسكان تبسة، قال الشيخ الإبراهيمي: «أرضينا سكان تبسة الكرام الذين كانوا يعدون انتقال الأستاذ التبسي عنهم كبيرة يرتكبها من يتسبب فيها، وأقنعناهم بأن الشيخ العربي رجل أمة كاملة لا بلدة واحدة ورجل الأعمال العظيمة لا الأعمال الصغيرة فاقتنعوا، وأمنا لهم مشاريعهم العلمية والدينية بإيجاد من يخلف الأستاذ فيها فرضوا مخلصين …».

-وفي نوفمبر 1950م ذهب إلى فرنسا للمطالبة تحرير التعليم في الجرائر مع الإبراهيمي، فلما رأى حال العمال الجزائريين هناك وحاجتهم إلى التعليم، لفت الأنظار إلى القضية ودفع بالجمعية إلى تنظيم الدعوة في فرنسا.

-وفي سنة 1952م رحل الإبراهيمي إلى المشرق فتولى رئاسة الجمعية نيابة عنه إلى أن توقف نشاطها. و بعد غلق معهد ابن باديس انتقل إلى العاصمة لإدارة شؤون الجمعية فيها وما بقي من مدارسها ومساجدها، واستأنف دروس التفسير للعامة في مسجد "حي بلكور" الذي كان يكتظ بالمستمعين على الرغم من ظروف الحرب، وبقي في العاصمة إلى أن اختطف رحمه الله.

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[08 - 11 - 06, 01:11 م]ـ

المطلب الثالث: من أصول دعوته

أولا: العقيدة وبدعة الكلام

أما عقيدته فهي إن شاء الله عقيدة السلف الصالح، وإن إنكاره لمظاهر الشرك أمر مشهور وقد قال وهو يقرظ رسالة الشرك ومظاهره ويثني على صاحبها الشيخ الميلي: «خدم بها الإسلام ونصر بها السنة وقاوم بها العوائد الضالة، والخرافات المفسدة للعقول»، وكذلك دعوته إلى أخذ العقيدة من الكتاب والسنة واعتماد فهوم السلف الصالح دعوة ظاهرة، قال رحمه الله: «بهذا الأصل صار الدين لا يمكن أن يؤخذ بحكم العوائد والمحاكاة، ولا تَعَلُّمُهُ من الجاهلين، وإنما يؤخذ حقا تعلما عن أهل العلم الحقيقيين، الذين يستمدون فهومهم من عناصر الدين الأولية التي هي الكتاب والسنة على مقتضى فهوم الأولين من علماء الإسلام الذين إذا تكلموا على العقائد بينوها وبينوا مآخذها وأدلتها، وشرحوا ما أذن لهم في شرحه، وتوقفوا فيما لا مجال للعمل فيه، أو ردوه إلى ما وضح معناه وظهر مغزاه» [المقالات (2/ 27)].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير