تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[08 - 11 - 06, 01:12 م]ـ

ثانيا: الفقه وبدعة التعصب المذهبي

للشيخ التبسي كلمات قوية في رد بدعة التعصب للمذاهب التي أماتت الأفكار قتلت الهمم ومنعت من تفسير كلام الله تعالى ومن الاحتجاج بسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكان مما قاله: «وقد رأينا هذا الزاعم يقول إن الأخذ بظواهر أقوال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعماله اجتهاد، والاجتهاد قد تقضت أيامه وماتت رجاله وبذلك يجب على المسلمين أن يتركوا كل آية من الكتاب وكل قول وعمل من رسول الله، ولا يهتدون بشيء من كتاب ربهم ولا من سنة نبيهم وعليهم أن يقتصروا على ما كتب في الفروع، يحلون ما أحلت، ويحرمون ما حرمت ويوالون من والت ماداموا غير مجتهدين. هذه هي مقالة هذا المفتي المزهدة في كتاب الله، الصادة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي باطلة بإجماع المسلمين من يوم أن بعث نبيهم إلى اليوم، ذلك أن العوام والعلماء يعملون بأقوال النبي وأعماله من غير توقف على منهم على وصولهم إلى رتبة الاجتهاد» [المقالات (2/ 132)]. وقد أنكر على من رد السنن بدعوى مخالفتها للمذهب وعد ذلك محادة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعصيانا أيضا لوصايا أئمة المذاهب وعلى رأسهم الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى الذي كان يقول: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه». ثم قال رحمه الله تعالى: «لو قدر لمالك رضي الله أن يبعث حيا من قبره لقال في نسبة هذا الرهط إليه المخالفين لوصاياه المعطلين لروح مذهبه ما قال عيسى صلوات الله عليه في أولئك الذين كذبهم بقوله:? ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم إنك على كل شيء شهيد ? [المائدة] والله يشهد، وأولوا العلم يشهدون أن مالكا بريء من كل نابذ لسنة عملية وقولية بدعوى المتمذهبين بمذهب مالك …وحاشا مالكا أن يقول صدقوا ما يقوله ابن شاس في الجواهر، واكفروا بصحيح الحديث» [المقالات (2/ 123 - 124)]. ولم يكن تبني هذا المبدأ منه مجرد دعوى نظرية بل كان الشيخ عالما مقتدرا على الاجتهاد عاملا بما سطره، وإنَّ أيَّ قارئ لفتاويه يلمس تمكنه من علم الأصول ويتبين غلبة العلم عليه سواء عند توظيفه لاصطلاحات العلم، أو عند استدلاله على المسائل، وكان رحمه الله مفتيا مجتهدا مرجحا بين المذاهب، ومخرجا ومنظرا في مسائل النوازل، ومعتمدا في كل ذلك على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، ومعظما لأهل الحديث ناقلا لآرائهم ومستندا إلى استدلالهم، والاعتماد في الفتوى على الحديث وتبويبات المحدثين أمر خارق للعادة في مثل ذلك العصر.

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[08 - 11 - 06, 01:13 م]ـ

ثالثا: السلوك وبدعة الطرقية

لقد كان موقف الشيخ من الطرقية صارما حازما ففضح حالهم كشف ادعائهم وقال: «ألا إن أعدى المسلمين للإسلام أولئك النفر الذين يظنون من قبل أنفسهم أنهم أولياء الرحمن وأحباؤه، وملؤوا أنفسهم ومن يتبعهم بأماني هي ضلال وما أرادوا بها صوابا. فاستباحوا من الله المحارم، وتعدوا له الحدود واعرضوا عما فيه من الهدى فاغتر بهم الجهال وانقاد لهم الأغرار ودخلوا على الناس في عقائدهم ولبسوا عليهم أمر دينهم، وزهدوا الأمة الإسلامية في علمائها الذين أمر الله أن يرد إليهم الأمر» [المقالات (1/ 65)]. ويقول أيضا: «هاأنتم استطعتم أن تفتنوا الأمة في دينها وتحيدوا بها عن أولياء الدين الذي جعلتم أهله شيعا و أضرابا كل يصف غيره بأنه السالك بنيات الطريق، والله يؤاخي بينهم ويأمرهم بولاية بعضهم بعضا، ورسول الله يحثنا على رص الصفوف وجمع الكلمة حثا، فهل تستطيعون يوم يذاد من بدل وغير عن الحوض أن تغنوا عنهم من عذاب الله شيئا؟ …فهل هؤلاء الطرقيون أهدى من أولئك القوم الذين أنعم الله عليهم؟؟؟ أم أرادوا أن يعيدوا تاريخ الكنيسة في الإسلام، ويزعموا الزعامة الدينية، ويتولوا وظيفة التشريع والهدى» [المقالات (1/ 68)]. وقد كتب في إبطال بدعهم مقالات كثيرة منها بدعة الطرائق في الإسلام في ثلاثة أعداد، ومنها مقال «من غشنا فليس منا أيها الطرقيون» كشف لنا فيه عن تآمر الطرقية مع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير