ونحن نجزم بأن السنة في فعله صلى الله عليه وسلم وقد ترك التحديد وأن الخير في اتباع من سلف وقد تركوا التحديد والتوقيت، فالبدعة والشر في التحديد والتوقيت، وهو ما لم تتركه طريقة من الطرائق، ولنورد شيئا من كلام المحققين يخدم هذا الغرض.
قال أبو إسحاق الشاطبي في مآخذ البدع وأهلها في الاستدلالات على ما انتحلوا: ((ومنها تحريف الأدلة (وقد علمت أن منها لفظه وعمله صلى الله عليه وسلم) () عن مواضعها بأن يرد الدليل على مناط فيصرف عن ذلك المناط إلى آخر (كذكر الله) موهما أن المناطين واحد وهو من خيبات تحريف الكلم عن مواضعه)) (). إلى أن قال: ((وبيان ذلك: أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمرا في الجملة مما يتعلق بالعبادات فأتى به المكلف في الجملة أيضا كذكر الله والدعاء والنوافل المستحبات مما يعلم فيه التوسعة شرعا كان الدليل عاضدا لعمله من جهتين، من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف به. فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة أو زمان مخصوص أو مقارن لعبادة مخصوصة والتزم ذلك بحيث صار متخيلا أن الكيفية المخصوصة أو الزمان أو المكان مقصود من غير أن يدل الدليل عليه كان بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه. فإذا ا ندب الشرع مثلا إلى ذكر الله، فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت أو في وقت معلوم مخصوص من سائر الأوقات، لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص بل فيه ما يدل على خلافه)) (). أهـ ثم حكم ببدعية ما كان على هذا الوصف، وما ذكره يجري في تحديد الأذكار للأتباع وتزيد عليه بما انجر للعوام من هذه البدعة الفظيعة، فقد أصبح بعض أسماء الله من ميزة طريقة فلان فمن لم يأخذ عهده وورده لا يحوم حول ذلك الاسم، وأي شر بقي بعد هذا وأقي إلحاد في أسماء الله شر من هذا وتزيد عليه أيضا بقلب معالم الإسلام ظهرا لبطن.
فقد كان من مبادئ الإسلام الأولية أن المسلم يتلقى الأحكام من ينبوعها؛ وهو ما جاء به الرسول من غير استئذان أحد ولا واسطة أحد، فصير شيوخ الطرائق الذكر يتوقف على إذنهم وتابع لميولهم وأهوائهم. ولعل زاعما يتوهم أن هذا التحديد والتوقيت لا يضر، وقد قصد واضعوه الخير فنقول: أخطأ الواهم في وهمه فإن السلف الذين شاهدوا عصر النبوة لما وقع بين أيديهم شيء أقل من هذا ولا يشاركه في غير أن الرسول لم يفعله أنكروه وعدوه ضلالة.
ولا بأس بنقل شيء من آثارهم يستدل به على ما نقول. من ذلك ما نقله أبو إسحاق الشاطبي () عن ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال: مر عبد الله (يعني ابن مسعود) برجل يقص على أصحابه وهو يقول: سبحوا عشرا وهللوا عشرا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل؟ بل هذه يعني أضل وفي رواية عنه: أن رجلا كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا وكذا مرة سبحان الله، قال: فيقول القوم ويقول: رحم الله من قال كذا وكذا مرة الحمد لله، قال: فيقول القوم قال: فمر بهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: فديتم لما لم يهتد له نبتكم أو إنكم لتمسكون بذنب ضلاله.
وذكر له أيضا أن أناسا يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم وقد كوم كل رجل منهم كوما من حصى قال فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد ويقول لقد أحدثتم بدعة وظلما وقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ().
فتفهم رحمك الله رأي الصحابة فيمن خالف ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم كيف ضللوه وأنكروا ما أتى به ولم يعذروه ولا تأولوا له وجها ولا نقبوا له عن نية، بل مخالفته كفتهم دلالة على إنكار ما أحدث. وتأملوا يا أولي الألباب ويا رجال العلم فيما أحدثه أشياخ الطرائق فإنهم يحدثوننا بأن حكما وأسرارا أخفيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سلف الأمة أدركها هؤلاء المستدركون وأن فضائل وخواص في أعداد لم يهد لها نبي الرحمة وهدي إليها هؤلاء الأقوام الذين تجارت بهم أهوائهم إلى أبعد مدى.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[05 - 02 - 07, 05:31 م]ـ
للرفع
ـ[نبيل الجزائري]ــــــــ[09 - 03 - 07, 02:02 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا
و أرجو من فضيلتكم وضع ترجمة الشيخ عبد اللطيف سلطاني رحمه الله
و بارك الله في علمكم و نفع بكم
ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[28 - 07 - 07, 10:26 م]ـ
موضوع ذو صلة وثيقة
الطيب العقبي أو مصلح أضاعه قومه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=107251)
ـ[أبو شهاب التلمساني]ــــــــ[23 - 02 - 08, 02:41 م]ـ
للرفع .... بارك الله فيكم
ـ[سمير زمال]ــــــــ[15 - 03 - 08, 01:45 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا محمد الحاج عيسى ونفع الله بعلمكم
ـ[جمال العاتري]ــــــــ[17 - 07 - 10, 02:05 م]ـ
الشيخ العر بي التبسي رجل علم ومواقف كان شوكة في حلق الاستخراب الفرنسي بعلمه ومواقفه الصلبة التي لا تخالطها مهاودة ولا مهادنة ... رحم الله علماء الجزائر وتقبلهم في الصالحين
¥