تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هما فيه عن الصلاة في أوقاتها وجذم صالحا وطالحا، وسلم صالحا وطالحا وابتلى قوما فصبروا وابتلى قوما فكفروا وعافى قوما فصبروا وشكروا، وعافى آخرين فبطروا وكفروا، وعمر صالحا وطالحا أقصى العمر، واخترم صالحا وطالحا في حداثة السن، وجعل عيسى عليه السلام نبيا حين سقوطه من بطن أمه، وآتى يحيى الحكم صبيا، وبسط لفرعون أنواع الغرور حتى قال: أنا ربكم الاعلى، وخلق قوما ألباء فهماء كفارا كالفيومي اليهودي، وأبي ريطة اليعقوبي، وقوما ألباء فهماء مسلمين، وقوما بلداء كفارا، وقوما بلداء مسلمين، فبأي شئ استحق عنده هؤلاء أن يرزقهم الفهم؟ وهؤلاء أن يمنعهم إياه؟. فإن قالوا: لو رزق بلداء الكفار الفهم لكانوا ضررا على المسلمين، أريناهم من ذكرنا ممن كان ضررا عليهم، فصح تناقضهم وأكذبهم الباري عز وجل بقوله: * (إنما نملي لهم ليزدادوا إثما). بقوله تعالى * (أنما نمهدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات) * فأخبر تعالى أنه أنما أملى لهم لضررهم لا لنفعهم ولا لمصلحتهم وكذلك يكذبهم أيضا قوله تعالى * (إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) * وكذلك قال تعالى * (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) * فأبان الله تعالى كذبهم في قولهم: إن الله تعالى إنما يفعل الشرائع لمصالح عباده وأيضا فقد كان أصلح لهم أن يدخلهم الجنة دون تكليف عمل ولا مشقة واحتج بعضهم في ذلك بقوله تعالى * (ما ننسخ من آية أو ننساأها فأنت بخير منها أو مثلها) *. قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه، لان الناسخة إنما صارت خيرا لنا معشر المؤمنين بها خاصة إذ جعلها الله تعالى خيرا لنا لا قبل ذلك ولم يكن قط هنا سبب يوجب أن تكون خيرا لنا إلا أنه تعالى شاء ذلك بلا سبب ولا علة أصلا ويقال لهم وبالله تعالى التوفيق متى كانت الناسخة خيرا لنا؟ إذ نسخ بها ما تقدم أو قد كانت خيرا لنا قبل أن ينسخ ما تقدم؟ فإن قالوا كانت خيرا قبل ان يخاطبنا بها نقضوا أصلهم وأثبتوا أنه تعالى قد منعنا ما هو خير لنا مدة طويلة وإن قالوا بل ما صارت خيرا لنا إلا إذ نسخ تعالى بها ما تقدم وإذ خاطبنا وأبطل بها الرتبة الاولى. قيل لهم: وما الذى أوجب ان تصير حينئذ خيرا لنا؟ وما الذى أوجب أن تنتقل الرتبة الاولى عن كونها خيرا لنا؟ أعلة متقدمة حكمت على الباري تعالى بذلك؟ أم أنه شاء ذلك فقط؟ فإن قالوا بل علة أوجبت ذلك على الباري عز وجل كفروا بإجماع الامة وجعلوا الله تعالى مدبرا مصرفا تعالى الله عن ذلك. فإن قالوا بل إنه شاء ذلك فقط، رجعوا إلى أنه تعالى شاء ما فعل بلا علة أصلا ولم يشأ ما لم يفعل وأنه تعال يريد ضلال من ضل ولم يرد به الهدى ولا المصلحة أصلا وبالله تعالى التوفيق. وقد بين تعالى ذلك بقوله نعوذ بالله من أن يريد منا ما أراد بهؤلاء. ونقول لمن قال إنه تعالى أراد صلاحهم أن يدعو ربه أن يريد به من الصلاح ما أراد بهم.

ونجده تعالى خلق الكلب مضروبا به المثل في الرذيلة والخنزير رجسا وخلق الخيل في نواصيها الخير فأى علة وأى سبب أوجب على هذه الحيوانات أن يرتبها هكذا؟ وما الذى أوجب أن يخترع بعضها نجسا وبعضها مباركا وبأى شئ استحقت ذلك قبل أن تكون منها فعل أو قبل أن توجد وأى علة أوجبت ان يخلق من الاشياء على عدد ما دون ان يخلق أكثر من ذلك العدد أو أقل وأن يخلق الخلد أعمى والسرطان صارفا بصره أمام ووراء أي ذلك شاء والافعى أضر من الخلد ولها بصر حاد. فإن قالوا خلقها ليعتبر بها وعذب الاطفال بالامراض ليعوضهم أو ليأجر آباءهم فهذا كله فاسد لانه قد كان يعتبر ببعض ما خلق كالاعتبار بكله ولو زاد في الخلق لكان الاعتبار أكثر فلزم التقصير على قولهم تعالى الله عن ذلك ولا فساد فيما بيننا أعظم من فعل من عذب آخر ليعطيه على ذلك مالا أو من فعل من عذب إنسانا لا ذنب له ليعظ به آخر أو ليثيب على ذلك آخر وكل هذا يفعله الباري تعالى وهو أحكم الحاكمين فبطل قولهم إن الحكيم لا يفعل شيئا الا لعلة قياسا على ما بيننا. وأى فرق بين ذبح صغار الحيوان لمنافعنا وبين ذبح صغارنا لمنافعنا؟ فيذبح ولد عمر ولمصلحة زيد؟ الا أن الله تعالى شاء ذلك فأباحه ولم يشأ هذا فحرمه ولو أحل هذا وحرم ذلك لكان عدلا وحكمة واذ لم يفعله تعالى فهو سفه وجور ولا علة لكل ذلك أصلا. وقد أباح تعالى سبي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير