[دراسة نقدية لكتاب النديم]
ـ[أبوعمرالهلالى]ــــــــ[14 - 01 - 09, 09:07 م]ـ
هذه دراسة موجزة لكتاب النديم " الفهرست " حاولت أن أبين بعض نقاط الضعف فى الكتاب و قيمة الكتاب العلمية
توطئة
الحمد لله و كفى و صلاة و سلاما على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده و حبيبه المصطفى و على آله و أصحابه الكرام الشرفا ثم أما بعد. لا شك أن حركة التصنيف يقاس بها تقدم الأمم في كل زمان، فالأمم الأكثر تقدما و تحضرا هي التي تعتني بعلمائها و أدبائها و مفكريها و تحرضهم على الإبداع و التأليف مما يثري الحركة الثقافية في المجتمع و يحث الأفراد على القراءة و الاطلاع و على الرغبة في طلب العلم و تبوء المكانة العالية التي يتمتع بها العلماء و من ثم ترقى العلوم و الفنون التي تشكل أعمدة الحضارة التي تقوم عليها هذه الأمم. و لا يستطيع منصف أن ينكر أن الحضارة الإسلامية هي أعظم حضارة اعتنت بالكتاب و العلماء بل إن طلب العلم عند المسلمين أمر ممدوح شرعا و يثاب فاعله بل أثر عن الشافعي أنه قال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة. ولعل أجمل ما قيل في ذلك قول الشاعر:
إن التشاغل بالدفاتر و المحا == بر و الكتابة والدراسة
أصل التعبد و التز == هد و الرئاسة و السياسة
و من هذا المنطلق العقدي سارع الأئمة و العلماء بدعم من الخلفاء و الأمراء إلي التصنيف و إلي العكوف علي الكتب للقراءة و البحث بل و إلى السفر الطويل الشاق الذي قد تتلف النفس فيه من أجل سماع حديث رسول الله صلي الله عليه و سلم و من أجل تلقي العلم من أفواه الشيوخ أو من أجل العثور علي كتاب نادر و القصص في ذلك كثير. و نتيجة لهذه العقول التي لا تشبع من العلم و هذه القلوب النهمة التي تجد لذتها فيه تشعبت العلوم و الصناعات تشعبا كبيرا و ازدحمت خزانات الكتب بمئات المصنفات في شتى المعارف. و لا شك أن القرن الرابع الهجري قد بلغت فيه حركة التصنيف أوجها و ازدهرت أيما ازدهارا, و النديم الذي كتابه " الفهرست " هو موضوع بحثنا من الذين عاشوا في هذا القرن و من الذين تأثروا بتلكم النهضة العلمية و الفكرية خاصة أنه كان يقطن في بغداد عاصمة الخلافة العباسية و التي كانت منارة لمن حولها من مدن و بلدان العالم، و كان يفد إلي بغداد العلماء من المشرق و المغرب. و ساهم كل ذلك في تكوين ثقافة النديم. أضف إلي ذلك صنعة الوراقة التي كان يمتهنها فقد مكنته من الاطلاع علي عدد كبير من الكتب خاصة بعد أن ازدحمت بغداد بعشرات الحوانيت التي تعمل في الوراقة و النسخ و بيع الكتب و نحو ذلك. و الوراقة كانت مصدرا للتكسب و كان يمتهنها بعض طلبة العلم بل و بعض العلماء لضيق ذات اليد و مع ذلك فقد ذمها البعض و بالغ في ذمها حتى قال أبو حاتم الوراق الكشمري:
إن الوراقة حرفة مزمومة == محرومة عيشي بها زمن
إن عشت , عشت و ليس لي أكل أو مت , مت و ليس لي كفن
و لعل قول أبي حاتم هذا و قول غيره يحمل علي المشقة و التعب الذي يتكبده الناسخ و الوراق من نسخ آلاف الأوراق فهو بلا شك أمر مضني. و فيما يبدو أن النديم كان محبا لمهنته عاشقا للكتب مما حمله علي تصنيف هذا الكتاب المبتكر في موضوعه في عصره. و قد حاولت في دراستي الموجزة للفهرست أن أتناول جوانب مختلفة بقدر ما وقفت عليه من مصادر و مراجع خاصة و أن ترجمة النديم ليست مبسوطة في كتب التراجم التي بين أيدينا. و قد قسمت البحث إلي عدة مباحث و هي:
المبحث الأول: التعريف بالنديم
المبحث الثاني: اسم الكتاب و دلالته
المبحث الثالث: خطة تصنيف النديم لكتابه الفهرست
المبحث الرابع: ما للكتاب و ما عليه
المبحث الخامس: أثر مذهب النديم العقدي في تصنيفه
و لقد حاولت أن أكون منصفا قدر المستطاع و في بعض ما ذكرته من مآخذ علي المصنف و كتابه هو محض اجتهاد مني و المجتهد لا يحرم الأجر علي كل حال , و المصنف بين يدي ربه نسأل الله له المغفرة و الرحمة و نسأل الله لنا و لكم حسن الخاتمة و إن كان من توفيق فمن الله و إن كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني و من الشيطان و الله و رسوله منه براء.
المبحث الأول: التعريف بالنديم
من هو؟
¥