افترى النديم افتراءا شنيعا على الشافعي حيث قال: و كان الشافعي شديد التشيع و حكى عنه كلاما بلا خطام و لا زمام حتى أن الشارح قال في الهامش تعقيبا علي ما قاله النديم فقال: " المصنف شيعي جلد فأراد يفتخر بالشافعي بأنه منهم فكذب ". و لا يحتاج مثل الشافعي للدلالة على صحة و سلامة اعتقاده فهو ناصر الحديث و أشد الناس اتباعا للأثر و قد ذم الشافعي أهل البدع و الأهواء لاسيما الشيعة و الرافضة فهو القائل: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة , و كان يصفهم بأنهم شر عصابة (). و سأل البويطي يوما الشافعي: أصلي خلف الرافضي فقال له: لا تصل خلف الرافضي .. ثم قال: من قال إن أبا بكر و عمر ليسا أمامين فهو رافضي (). و لقد نسب البعض الشافعي للتشيع لأنه يكثر من إظهاره لحب آل البيت , فهل هناك مسلم لا يتقرب إلي الله بحب آل بيت النبي. و قال الشافعي نفسه في ذلك:
إن كان رفضا حب آل محمد == فليشهد الثقلان أني رافضي
أما اعتزال النديم .. فلعل تراجمه الناصعة لأكابر المعتزلة تشير إلي ميله للاعتزال. و بالأخص ترجمته لأحمد بن أبي دؤاد () دون أن يذكر له كتابا و لا مصنفا مفسرا فعله ذلك بقوله: لأنه من أفاضل المعتزلة و ممن جرد في إظهار المذهب و الذب عن أهله و العناية به. و تجاهل النديم الحديث عن محنة خلق القرآن و التي ساهم في إشعالها ابن أبي دؤاد. حتى عندما ترجم للإمام أحمد بن حنبل لم يذكر شيئا عن محنته مع خلق القرآن و التي صار بعدها إماما لأهل السنة وهو أمر لا يمكن لمنصف أن يتجاهله عند الحديث عن الإمام أحمد.
الخلاصة
و يمكن أن نجمل خلاصة هذه الدراسة الموجزة لفهرست النديم في النقاط التالية:
? فهرست النديم يعد أقدم عمل بيلوغرافي وصل إلي أيدينا تميز برصده لعدد كبير من المصنفات التي ألفت في فنون مختلفة حتى القرن الرابع الهجري ساعده على ذلك مهنة الوراقة التي كان يعمل بها بالإضافة من استفادته من فهارس للكتب كانت بين أيديه كفهرس جابر بن حيان و فهرس ابن الكوفي و غيرهما. لكن النديم لم يستوعب بل فاته الكثير جدا من المؤلفات.
? النديم كان شيعيا معتزليا و أثر مذهبه ظاهر في كتابه لذا ينبغي علي من أراد أن يستفيد من " الفهرست " أن يتنبه لذلك.
? قسم النديم كتابه إلي عشرة مقالات و كل مقال إلي فنون بلغ عددها ثلاثة و ثلاثين فنا في اللغة و الشعر و الفقه و الحديث و الفلسفة و العلوم البحتة و الطب و الصيدلة و الفلسفة و الكيمياء و الكلام عن الفرق من معتزلة و زيدية و إسماعيلية و نحو ذلك.
? يحتمل أن النديم لم يتم كتابه في حياته و ربما يكون هذا السبب وراء عدم اعتنائه بترتيب أسماء المؤلفين علي قاعدة بعينها. و يحتمل أيضا أن النديم لم يكن معروفا في زمانه و ربما عرف هذا الكتاب و اشتهر بعد وفاته بسنوات.
? بالرغم من كل المحاولات التي بذلت من أجل تحقيق الكتاب و إخراجه في صورة قريبة إلي الصورة التي كان عليها الكتاب عندما ألفه النديم إلا أننا لا نستطيع الجزم أن الكتاب الذي بين أيدينا هو نفسه كتاب الفهرست بتمامه.
? من إيجابيات "الفهرست" الإحالات التي يذكرها و من سلبياته أنه قد يذكر ترجمة لمؤلف و لا يذكر له آثارا و يكون في هذه الحالة قد خالف طبيعة الكتاب كفهرست للكتب.
المصادر و المراجع
- "الفهرست" للنديم، تحقيق: رضا- تجدد، طهران
- "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، ط. دار الكتب المصرية
- "مناقب الشافعي" للبيهقي، تحقيق: السيد أحمد صقر، مكتبة دار التراث، القاهرة 1970
- "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي، ط. دار الكتب العلمية
- "الكامل في الضعفاء" لابن عدي، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، ط. دار الفكر، بيروت 1988
- "فهرسة ابن خير الإشبيلي" , ط. دار الكتب العلمية، بيروت 1998
- "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للمزي، تحقيق: بشار عواد معروف، ط. الرسالة 1980
- "القاموس المحيط" للفيروزأبادي، ط. الرسالة، الطبعة السابعة، بيروت 2002
- "معجم الأدباء" لياقوت الحموي، تحقيق: إحسان عباس،ط. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1993
- "الوافي بالوفيات" للصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط & تزكى مصطفى، ط. دار إحياء التراث العربي
- "سير أعلام النبلاء" للذهبي، تحقيق: محمد أيمن الشبراوي ط. دار الحديث القاهرة 2006
- "لسان الميزان" لابن حجر، تحقيق: أبو غدة، ط. مكتب المطبوعات الإسلامية
- "الأعلام" لخير الدين الزركلي، ط. دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر 2002
- "هدية العارفين أسماء المؤلفين و آثار المصنفين" لإسماعيل باشا البغدادي , ط. دار إحياء التراث العربي
- "تحقيق النصوص و نشرها" تأليف: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، الطبعة السابعة 1998
- "أدوات تحقيق النصوص – المصادر العامة"، الدكتور: عصام الشنطي
- "الوراقة و أشهر أعلام الوراقين" تأليف: على بن إبراهيم النملة، الرياض 1995
- "التراث العلمي للحضارة الإسلامية في الشام و العراق خلال القرن الرابع الهجري" تأليف: الدكتور كرم حلمي فرحات، مكتبة زهراء الشرق الطبعة الأولى 2004
- "الخلافة العباسية السقوط و الانهيار" تأليف: د0 فاروق عمر فوزي، دار الشروق 1998
- "دراسات في تاريخ الدولة العباسية – عصام الدين الفقي – دار الفكر العربي 2004
- "الكتاب العربي المخطوط" للدكتور: أيمن فؤاد سيد، الدار المصرية اللبنانية
¥