ففي هذه الأيام تتكرر الاستفسارات والاستشارات حول زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب. وحيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على المسلم: (وإذا ستنصحك فانصح له).
فالذي أختاره لنفسي وأشير به على من استشارني هو هجر هذا المعرض بعينه.
ذلك أنه مع حثي الجميع على تحصيل العلم والتزود منه، ومع استبشاري بما يشاهد من حرص الكثيرين على اقتناء الكتب النافعة وتتبعها في مظانها .. إلا أنني أرى أن المعرض المشار إليه , وعلى مدى أربع سنوات متوالية أراد - من أراد - أن يكون نافذة تغريبية , يطبّع المجتمع من خلاله على ثقافة الانفتاح , الانفتاح المطلق، الفكري والأخلاقي، غير المنضبط بضوابط.
فتجلب إليه الكتب مهما كان مضمونها، حتى لو تضمنت الاستهزاء بالدين وأهله , بل برب العالمين سبحانه وتعالى علوا كبيرا , وأن يُجعل ذريعة لإبراز أهل الفكر المنحرف , فيبجلوا ويكرموا، ويتاح لهم أن يتصلوا بشبابنا وناشئتنا وغيرهم من فئات المجتمع، ويطرحوا عليهم فكرهم المنحرف بكل طلاقه وحرية. ومن جهة أخرى أريد أن تكون بيئة ذلك المعرض بيئة تكرِّس الاختلاط، وتضعف ما تعود عليه المجتمع من الفصل بين الرجال والنساء في مثل هذه المناسبات. . من خلال عدة ترتيبات. . .
أحدها: تنظيم ارتياد الزوار له فيما يسمى بأيام (الجميع) أي الرجال الذين أتوا بصحبه عوائلهم, والشباب العزاب , والفتيات اللاتي حضرن بدون محرم. . .
2 - من خلال توظيف النساء في مواقع إلى جنب الرجال (كما هو حاصل في المكتب الإعلامي للمعرض).
3 - إيكال مهمة (النداء الصوتي) إلى فتيات، فترى أصواتهن الرخيمة تتردد في جنبات المعرض.
4 - إتاحة المجال للاحتكاك المباشر والاختلاط الصريح بين الرجال والنساء، تحت ذريعة (طلب توقيع المؤلف)، فترى الفتيات يتهافتن على ذلك الرجل، يحطن به و يزدحمن عليه، بحجة طلب توقيعه، والعكس.
5 - من خلال الفتيات المرافقات للوفود (المستضافة).
6 - من خلال العارضات في بعض الأجنحة. . . . .
فلأجل ما تقدم لا أرى أنه يسعني أمام الله عز وجل أن أحث أحداً على ارتياده. فإن في ارتياده إعانة لمن وراءه على أن يؤثر ما أريد منه. وهل تجد الدور المنحرفة لها موطئ قدم إلا بين جنبات الدور النافعة؟!
ولقد اجتهد المصلحون والغيورون جزاهم الله خيراً في إقناع وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية - وهو المشرف على ذلك المعرض - في ثنيه عن استضافة الدور المنحرفة التي عرفت واشتهر أمرها بنشر الكتب المنحرفة، لكنه يأبى ويصر إلا أن تشارك.
ومن هنا فإنني أحمل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية الدكتور عبدالعزيز السبيل كبر ما يحصل، وأنه من أهم الأسباب في صبغ هذا المعرض بتلك الصبغة، ومن ثم فوت علينا وعلى عموم طلاب العلم ومحبيه الاستفادة من هذه المناسبة الثمينة التي كانت إلى وقت قريب-ولازالت في بعض الأماكن وأعني بها معارض الكتب- فرصة عزيزة حبيبة إلى نفوس محبي العلم يتشوقون لها ويتشوفون مجيئها.
وذلك للأسباب التالية:
[1] أقيم المعرض الأول (عام 1427)، وكان الإشراف العام عليه لوزارة التعليم العالي، وأوكل الإشراف الثقافي إلى وزارة الثقافة والإعلام. وحينها فوجيء الناس بذلك البرنامج الثقافي الذي استقطب عدداً من أصحاب الفكر المنحرف، وإن كانت الأسماء قد أدخل فيها بعض (الإسلاميين) ذراً للرماد في العيون.
[2] منذ ذلك المعرض والناصحون يترددون على الدكتور عبدالعزيز السبيل، بل من الأيام الأولى لتعيينه وكيلاً للثقافة، يناصحونه ويعظونه ويذكرونه بالله، ويذكرونه بوالده سماحة الشيخ محمد السبيل عظم الله أجره. فكان يتعامل معهم بالمراوغة والمخادعة.
[3] كان من أهم ما يُطلب منه: منع استضافة المنحرفين ومنع الدور التي اشتهرت بجلب كتب الانحراف العقدي أو السلوكي وتكرر منها ذلك، لكنه كان يتملص من ذلك ويعتذر بأن ما قد يلاحظ من كتب منحرفة إنما هي أعداد قليلة فاتت على الرقابة في خضم الأعداد الكبيرة التي تدخل للمعرض. وهذه الدعوى غير صحيحة. فإن منشأ المشكلة هو: عدم إخضاع الكتب المعروضة لأن تفرز من خلال قوائم بأسمائها، إذ الذي جرت عليه عادة المعارض الدولية، أن الدولة المستضيفة تطلب قوائم الكتب قبل بدء المعرض بوقت مبكر ليتسنى للجهة المسئولة مراجعتها ومنع
¥