تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- وأنَّ عليًا - رضي الله عنه - وأصحاب الجمل كانت رؤيتُهم في بادئ الأمر واحدةً، حولَ إرجاء الاقتصاص مِن قَتَلَةِ عثمانَ - رضي الله عنه - حتَّى يستتبَّ الأمن، وتتوحَّدَ الكلمة، فيصبح الجوُّ مناسبًا للوصول إلى أعيان أولئك القَتَلَة؛ لكن استمرار الأحوال على ما كانت عليه رغمَ مرورِ بِضعةِ أشهر، ثم ظهور بؤرٍ جديدة للخِلاف بين المسلمين في أمصار الدَّولة - جعلتْ عائشةَ وطلحةَ والزُّبيرَ - رضي الله عنهم - بحكم مرجعيتهم الشرعيَّة، وحرصهم على تطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جعلتْهم يَتبنَّوْن مشروعًا قصدوا فيه إصلاحَ ذات بَيْنِ المسلمين، وإعادة الوَحدة إلى صفوفهم، وقد رَأَوْا أنَّ أوَّل مقومات نجاح هذا المشروع، وتقبُّل المسلمين له هو: العمل على تنفيذ القِصاص مِن قتلةِ الخليفة المظلوم عثمان - رضي الله عنه.

- وأنَّ بداياتِ الخلاف بين علي - رضي الله عنه - وأصحاب الجمل نشأ بعد تبنِّي هؤلاءِ الأَخِيرين مشروعَهم، الذي رَأَوْه كفيلاً بإصلاح وضْع المسلمين، فالخلاف عندَ الذين تبنَّوا ذلك المشروع لم ينطلقْ من خلفيات سابقة، أو رواسبَ قديمةٍ، أو مطامعَ دنيويَّةٍ، أو دوافعَ نفسيَّة كامنة، كما تُصوِّره بعضُ روايات الإخباريِّين القُدامى، ومَن تبعهم من الكُتَّاب المُحْدَثين.

- وخلاف علي - رضي الله عنه - مع أصحاب الجمل - رضي الله عنهم - لم يكن بالحِدَّة التي يُصوِّرها بعضُهم؛ فقد رأى علي - رضي الله عنه - أنَّ مِن حقِّ هؤلاء الصحابة العملَ على إقامة أحكام الله، ورَأْب الصَّدع، ولَمِّ الشَّمْل، وإن لم يوافقْهم في الأسلوب الذي انتهجوه، فهو لم يطاردهم حين عَلِم بخروجهم من مكَّة إلى العراق؛ بل تركهم وشأنَهم، حيث سلك طريق الكوفة، مع عِلمه بمسيرهم عبرَ طريق البصرة.

- سعى علي - رضي الله عنه - إلى تقريب وجهات النَّظر بينه وبين أصحاب الجمل، حين وصل إلى البصرة، عن طريق إرسال بعض أصحابِه إليهم، ثُمَّ أقام فسطاطًا بين المعسكرين للاجتماع بطلحة والزبير - رضي الله عنهما - اللَّذَينِ كانَا قد اقتنعَا بعدَ معالجتهما للأوضاع في العِراق، ومراسلة علي - رضي الله عنه - لهما، بأنَّ أفضل الطُّرُق للوقوف أمامَ المتآمرين هو الترتيب مع خليفة المسلمين علي - رضي الله عنه.

- اندلع القتالُ في معركة الجمل بغير اختيار من علي، وطلحة والزبير وعائشة - رضي الله عنهم - فقد كان فخًّا دبَّره المتآمرون؛ ليستمرَّ مسلسل الفِتنة بين المسلمين، حيثُ قام السَّبئيَّة المندسُّون في المعسكرين بإنشاب القِتال بين الطرفين.- في تتبُّعنا لمواقف هؤلاءِ الصحابة عندَ نُشوب القِتال في الجمل، توصَّلْنا إلى أنَّهم كانوا حريصين على حَقنِ دِماء المسلمين، والابتعادِ عن القِتال؛ فالزُّبير - رضي الله عنه - ترك الميدانَ قبلَ نُشوبِ القِتال، وطلحة - رضي الله عنه - استُشهِد في أوَّل المعركة، وهو يناشد الناس بالكفِّ عن القِتال، وأمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - خاطرت بنفسها، ودخلت الميدانَ لوقف القِتال، حتى تعرَّضَ هودجها من كلِّ جانب للسِّهام، وأمَّا علي - رضي الله عنه - فقد كان هو الآخَرُ حريصًا على الكفِّ عن القتال، حيثُ ظهر ذلك في أوامره المشدَّدة إلى أتباعه ألاَّ يبدؤوا بقتال، ولا يُجهِزوا على جريح، ولا يَتعقَّبوا مُدبِرًا، وأن يعطوا الأمانَ لِمَن يكفُّ سلاحَه، أو يدخل بيته.

- وتَبيَّن أنَّ علاقة علي - رضي الله عنه - بالزبير وعائشة - رضي الله عنهما - ظلَّت تسودها المحبَّةُ والاحترام؛ لتَفَهُّمِ كلِّ واحد منهم قَصْدَ الآخَرِ، الذي يهدف في النهاية إلى مصلحة المسلمين، وقد حَزِن علي - رضي الله عنه - على مقتل أخويه طلحةَ والزبير - رضي الله عنهما - إلى درجة البكاءِ الصادق عليهما، وسأل الله أن يجمعَه بهما في الجنَّة على سُرر متقابلين، أمَّا أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فقد حرص على سلامتها حين كانت في ساحة المعركة، ثم أَعادها بعدَ ذلك إلى المدينة معزَّزة مكرَّمة.

دور أهل الذمة في إقصاء الشريعة الإسلامية

دور أهل الذِّمَّة في إقصاء الشريعة الإسلامية/ ماجد بن صالح المضيان، المنصورة، دار الهدي النبوي، الرياض، دار الفضيلة، 1428هـ، 567 ص.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير