[علامات تعجب!! في نسبة كتاب " الأحاديث والآثار المتزايدة في أن طلاق الثلاث واحدة" لابن رجب الحنبلي]
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[09 - 03 - 09, 02:52 ص]ـ
علامات تعجب!!
في نسبة كتاب " الأحاديث والآثار المتزايدة في أن طلاق الثلاث واحدة" لابن رجب الحنبلي
شاع بين المعاصرين أن لابن رجب رحمه الله قولين في مسألة "الطلاق الثلاث" وأنه كان في مذهبه القديم يعتبر مذهب ابن تيمية رحمه الله في أن طلاق الثلاث طلقة واحدة، وأنه من أجل ذلك كتب رسالته: "الأحاديث والآثار المتزايدة في أن طلاق الثلاث واحدة"
ثم رجع بعد ذلك إلى قول الجمهور وقال: إن طلاق الثلاث ثلاث، وألف في ذلك رسالته: "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث وحدة" ()
لكن لم يذكر المعاصرون - بحسب ما وقفت عليه - تفاصيل قوله القديم.
لكن يبدو والعلم عند الله:
1 - أن ثمة وهماً أوجب هذه النسبة إلى ابن رجب رحمه الله.
2 - أن ابن رجب رحمه الله ليس إلا قول واحد في هذه المسألة وهو ما يتفق مع قول الجمهور، على ما في رسالته "مشكل الأحاديث"، والتي نقل يوسف ابن عبد الهادي فصولاً منها في كتابه "سير الحاث".
وأبين الآن بحول الله وقوته سبب ما ادعيته:
منهج الإمام الحافظ ابن رجب –رحمه الله - في باب الإجماع والشذوذ، من الوضوح بمكان، وهو معروفٌ بكثرة الاستناد إلى الإجماع دليلاً، وكثرة النفرة من الشذوذ قولا؛ بل نجده لا يكتفي بالاحتجاج بالإجماع ولا بالحكم بالشذوذ على مخالف الإجماع، حتى يضم إلى ذلك احتجاجه بظهور الحق
يقول ابن رجب في خصوص هذه المسألة كما في رسالته مشكل الأحاديث:
ولا يعلم من الأمة أحدٌ خالف في هذه المسألة مخالفة ظاهرة، ولا حكما ولا قضاء ولا علماً ولا إفتاء، ولم يقع ذلك إلا من نفر يسير جدا، وقد أنكره عليهم من عاصرهم غاية الإنكار، وكان أكثرهم يستخفي بذلك ولا يظهره. فكيف يكون إجماع الأمة على إخفاء دين الله الذي شرعه على لسان رسوله واتباعهم اجتهاد من خالفه برأيه في ذلك؟ هذا لا يحل اعتقاده البتة.
وهذه الأمة كما أنها معصومة من الاجتماع على ضلالة، فهي معصومة من أن يظهر أهل الباطل منهم على أهل الحق، ولو كان ما قاله عمر في هذا ليس حقا للزم في هذه المسألة ظهور أهل الباطل على أهل الحق في كل زمان ومكان، وهذا باطلٌ قطعاً."
وهذا الكلام متكرر في كلام ابن رجب أعني قضية ظهور الحق على الباطل، أحسب أني وقفت على أربعة مواضع يقرر فيها ابن رجب هذا المعنى، هذا الموضع أحدها، والثاني في جامع العلوم والحكم والثالث في شرح البخاري والرابع في بعض رسائله.
وكنتُ قبل أن أقف على كلام ابن رجب السابق في "مشكل الأحاديث" أستشكل على نفسي كيف جاز لابن رجب رحمه الله أن يقول يوماً بعدم وقوع الطلاق الثلاث، مع أن القول بوقوعه من الشهرة بمكان، وعليه عمل عامة الأمة علمائها وعامتها، سوى نفر قليل، وإنما شاع خلافه بأخرة.
وابن رجب كثير التكرار والدوران على الإجماع وما حام في حماه من قول عامة أهل العلم.
فنسبة القول بطلاق الثلاث واحد إلى ابن رجب رحمه الله فيه بعد باعتبار النظر إلى خطوط منهجه الفقهي المفصَّل، فهو يمشي في هذا الباب على طريقة ابن عبد البر في اعتبار أقوال عامة أهل العلم والنفرة من الشذوذ عنهم، حتى ألف في ذلك رسالته "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة"
بل قد كان من جملة مآخذ ابن رجب رحمه الله على ابن تيمية مع ثنائه عليه وتعظيمه له ووصفه بشيخ الإسلام هو تفرده بالأقوال وشذوذه عن الناس فيها فساق نبذا منها في كتابه الذيل على طبقات الحنابلة.
فكيف يصح بعد ذلك نسبة هذا القول إلى ابن رجب، بل إن ابن رجب يعتبر هذه المسألة بعينها من مسائل الإجماع.
ولا يقال إن هذا قول ابن رجب الجديد، فهذا مما لا يجري في العادة تبدل الأقوال فيه، لاسيما من كان على طراز ابن رجب، لاسيما وأن تحصيل هذا الإجماع منتظم تماماً مع أصول ابن رجب النظرية في هذا الباب، ومع تطبيقه لمسائل الإجماع والشذوذ، ومع خصوص هذه المسألة، فهو قولٌ باطلٌ قطعاً، ولا يحل اعتقاده، وهو مخالف للإجماع عملا واعتقاد وقضاء وإفتاء وأنه يلزم منه ظهور أهل الباطل على أهل الحق، وأن تكون الأمة قد أجمعت على إخفاء دين الله واتبعت اجتهاد من خالفه.
كل ذلك بحسب نفس أحرف ابن رجب التي سبق نقلها.
وهنا يرد السؤال:
¥