وفي (غرة جمادى الأولى سنة 1287 هـ = 30 من يونيو 1870م) انعقد بديوان المدارس اجتماع رأسه "علي مبارك" لوضع قانون دار الكتب الأول، ولائحة نظامها، الذي تكون من 83 مادة، حددت أقسام الدار، واختصاصات العاملين بها، وأوقات فتحها للمترددين عليها، ووضعت الضوابط التي يلتزم بها زوارها، مثل عدم التدخين، واصطحاب الكتب إلا بعد الحصول على إذن سابق، وبينت اللائحة طرق الاستعارة، ونسخ الكتب وغير ذلك، ثم افتتحت الدار لجمهور القراء في (غرة رجب 1287 هـ = 24 من سبتمبر 1870م)، وهي تعد بذلك أقدم مكتبة وطنية تنشأ في العالم العربي في العصر الحديث. < / SPAN >
تطور دار الكتب
اعتبرت دار الكتب بعد إنشائها ملكًا لديوان الأوقاف؛ لأن الكتب موقوفة قبل خزنها، وأوقف الخديوي إسماعيل عشرة آلاف فدان للإنفاق من ريعها على دار الكتب، وابتدأت الدار تعمل منذ عام (1304هـ = 1886م) على إيداع جميع الكتب التي تطبع في مصر، ولما ضاق سرايا مصطفى بمحتويات الدار التي كانت تتزايد وتنمو، أصدر الخديوي "عباس حلمي الثاني" سنة (1321هـ = 1903م)، قرارا بإنشاء مبنى لائق للدار، غير أنه لم ير النور إلا في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني سنة (1321هـ = 1903م)، وخصص طابقه الأرضي لدار الآثار العربية (المتحف الإسلامي)، وجعل طابقه الأول وما فوقه لدار الكتب، التي فتحت أبوابها للجمهور في (1322هـ = 1904م) وهو مبنى فريد يقع في وسط ميدان باب الخلق، وظلت دار الكتب بهذا المبنى إلى أن انتقلت إلى مبناها الجديد على كورنيش النيل بمنطقة "رملة بولاق" سنة (1391هـ = 1971م).
محتويات دار الكتب النادرة
تضم دار الكتب مجموعات نادرة من المخطوطات العربية والشرقية، ومن أوراق البردي العربية، والنقود الإسلامية ولوحات الخط العربي وخرائط نادرة، ودوريات كثيرة، ويبلغ عدد المخطوطات التي تضمها دار الكتب الآن نحو ستين ألف مخطوط، بعد أن أضيف إليها مكتبات غنية أثرت رصيد الدار وضاعفت عدد مخطوطاتها، ويأتي في مقدمته ا:-
مكتبة أحمد طلعت بك المُتوفّى سنة (1346هـ = 1927م)، وعدد مخطوطاتها 9549.
- والمكتبة التيمورية التي جمعها "أحمد تيمور باشا"، وضمت إلى الدار بعد وفاته سنة 1348هـ = 1930م، عدد مخطوطاتها 8673مجلدًا.
- والمكتبة الزكية التي جمعها أحمد زكي باشا، ونقلت إلى دار الكتب المصرية سنة (1353هـ: 1935م) وعدد مخطوطاتها 1843 مجلدًا.
وتمتلك الدار مجموعة نادرة من المخطوطات الفارسية المزدانة بالصور (المنمنمات)، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المخطوطات التركية يبلغ عددها 5154 مخطوطًا.
وتحتفظ الدار بمجموعة قيمة من أوراق البردي العربية يصل عددها إلى نحو ثلاثة آلاف بردية، نشر منها أدولف جردوهمان 444 ورقة بعد أن توفر على دراستها، وصدرت في ستة مجلدات.
وتمتلك الدار مجموعة طيبة من النقود الإسلامية، نُشر فهرس لمجموعة منها سنة (1315هـ = 1897م) قام بها المستشرق الإنجليزي "لين بول"، وضم فهرسه وصفًا لألفين ومائتين وستين قطعة، يرجع أقدمها إلى سنة (77 هـ)، وهو درهم باسم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، ثم تضاعفت عدد قطع النقود والمكاييل التي تمتلكها دار الكتب.
وتحتوي الدار على مجموعة نادرة من لوحات الخط العربي، يبلغ عددها أكثر من (500) لوحة متفاوتة الأحجام، بالإضافة إلى المصاحف المكتوبة بخطوط مشاهير الخطاطين المجودين والمنقوشة بالذهب والألوان.
وبدار الكتب مجموعة لا نظير لها من الدوريات والصحف والمجلات العربية والأجنبية الصادرة في مصر والبلاد العربية والإسلامية وأوروبا، وتبلغ عدد الدوريات العربية 4200 دورية، في حين تبلغ الدوريات الأجنبية 5812 دورية.
وقد بدأت دار الكتب في التعريف بمقتنياتها منذ إنشائها، فأصدرت الفهارس المنوعة للتعريف برصيدها من المطبوعات والمخطوطات العربية والشرقية والدوريات التي تقتنيها.
دار الكتب ونشر التراث
نهضت دار الكتب منذ سنة (1329هـ = 1911) بالإشراف على مشروع إحياء الآداب العربية، فأخرجت عددًا من الكتب القديمة في صورة مشرقة، محققة الأصول على منهج علمي دقيق، مثل: الأصنام لابن الكلبي، والتاج للجاحظ، والجزء الأول من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، وكلها من تحقيق "أحمد زكي باشا"، وكانت هذه الكتب تطبع في أول الأمر في المطبعة الأميرية، ثم تحول اسم اللجنة إلى "القسم الأدبي" سنة (1340هـ = 1921م)، ونقلت مطبعتها إلى دار الكتب المصرية للقيام بنشر مطبوعاتها، وقد جمع لهذه المطبعة كل أسباب الجودة والإتقان، بحيث صار الكتاب المطبوع بدار الكتب عنوانًا على حسن الإخراج وجمال الطباعة.
ومنذ ذلك التاريخ توالى صدور كتب التراث التي يراعى في إخراجها الالتزام بالنواحي العلمية، وقام عليها نفر من كبار المحققين، ومن أشهر الكتب التي أصدرتها الدار صبح الأعشى للقلقشندي، ونهاية الأدب للنويري، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي، والأغاني لأبي فرج الأصبهاني، وتفسير القرطبي، كما أخرجت طبعة رائعة للمصحف الشريف سنة (1371هـ = 1952م) عُرف باسم "مصحف دار الكتب"، ولا تزال دار الكتب تواصل رسالتها في هذا المجال، وتوالي إصدار أمهات كتب التراث، بالإضافة إلى نشاطاتها الأخرى، باعتبارها واجهة حضارية للأمة، ومجمعًا لتراثها القديم والحديث، وملجأ للباحثين والراغبين في القراءة والمعرفة.
المصدر: سوق الكتبيين لبيع وشراء الكتب العلمية المستعملة والجديدة وشحنها لجميع دول العالم ( http://www.alkutubiyeen.com/vb/showthread.php?t=992)
¥