تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفقيه الأصولي أبو الطيب مولود السريري السوسي واحد من علماء المغرب البعيدين عن الأضواء، بدأ حياته العلمية طالبا في المدارس العتيقة بعد أن حفظ القرآن الكريم في السنة العاشرة من عمره، وقد درس الفنون العربية والإسلامية بالمدارس العتيقة بسوس وخارجها، على يد زمرة من العلماء، ليلتحق سنة 1994 بالمدرسة العلمية العتيقة بتنكرت التابعة لجماعة إفران الأطلس الصغير بضواحي مدينة كلميم قيما عليها، مدرسا للعلوم الشرعية وما يرتبط بها من فنون، فتخرج على يده فقهاء وأئمة وأدباء، ولا يزال عطاؤه مستمرا بهذه المدرسة الضاربة في عمق التاريخ.

وفي غمرة انشغال الفقيه أبي الطيب بأعباء التدريس كانت قضايا الأمة حاضرة بقوة في اهتماماته، وما دخوله إلى ميدان التأليف إلا تأكيد على هذا الاهتمام، فمنذ سنتين ألف كتابا حول '' منهج الأصوليين في بحث الدلالة اللفظية الوضعية''، وكتابا حول ''مصادر التشريع وطرق استثمارها عند ابن حزم الظاهري''، وكتابا بعنوان ''معجم الأصوليين''، وقد صدر له أخيرا كتابان، الأول تحت عنوان ''مناظرات ومحاورات فقهية وأصولية''، والثاني ''تجديد علم أصول الفقه'' عن دار الكتب العلمية بلبنان.

''التجديد'' زارت الفقيه مولود السريري بالمدرسة العلمية العتيقة بتنكرت، وأجرت معه الحوار التالي حول كتابه الأخير ''تجديد علم أصول الفقه'':

بدأتم كتابكم بالحديث عن علم النظر، ما الأهمية التي يكتسيها هذا العلم؟

النظر أساس بناء الأحكام وعمدة الاستنتاج للمعارف والعلوم، وهو مركوز في طبيعة الإنسان، لكنه يصيبه ما يصيب ما تتركب منه طبيعة الإنسان من مكونات، فهو يصيبه الضعف والانحراف، وربما ذبل فمات، فهو يقوى بالتنمية، ويشحذ باستمرار إعماله على الوجه المطلوب، ويموت إذا أهمل وترك، فهو كسائر الغرائز. وبذلك كان الاعتناء بالحديث عنه أمرا واجبا، ثم إن التذكير به في أول الكتاب على الوجه الذي ذكر به فيه تنبيه إلى أنه ما لم تحترم قواعد النظر وتستعمل على الوجه الصحيح لا يمكن ولا يتأتى أن يأتى بأي تجديد حقيقي في علم أصول الفقه، بل ولا في أي علم صحيح المبنى والمضمون.

هناك من يقول إنه يجب أن تغير صورة علم أصول الفقه على النحو الذي تبنى به قواعد جديدة؟

لا ريب أن في كل علم ما يجب أن يغير على الدوام، وفيه ما يجب أن يبقى لأنه قوام ذلك العلم، وبذهابه تذهب ماهية ذلك العلم. والسعي إلى إنشاء مسالك وطرق، والبحث عن أدوات لإثراء علم ما ومد الاستضاءة به إلى مواطن لم يتمدد ضوءه إليها أمر محمود، بل واجب، ومثل ذلك عجم أعواد ما فيه من أسس ومسائل وطرق بناء الأحكام، كل ذلك مطلوب وواجب، لأن العلم هو الحركة العقلية، فإن همدت هذه الحركة، وغلب الجمود في علم ما، مات ذلك العلم.

ما هي المواطن التي ترى أن يطالها التجديد؟

أرى أن التجديد يجب أن يطال كل موطن استبان أنه قد طرأ عليه ما يصيره متخلفا عن المقصود منه، ولا يقصد منه إلا خدمة المقاصد الشرعية، وكذلك كل موطن اقتضى الواقع أن يجدد، ويعاد مصوغا ليستوعب قضايا العصر ومشاكله. والرأي الذي أراه هو أن التجديد في علم أصول الفقه يجب أن يكون على مراحل، وكل مرحلة تهدي إلى التي بعدها، والأمور يهدي بعضها إلى بعض. وقد ذكرت في هذا الكتيب (تجديد علم أصول الفقه) ما أرى أنه يجب أن يفعل في المرحلة الأولى (المرحلة التأسيسية) في هذا الشأن، ولا حاجة إلى اجتراره.

ما هي الإضافة النوعية التي جئتم بها في هذا الكتاب؟

أظن أنني أسمعت فيه صوت من يقول: إن هذا التسيب والانحلال من ربقة قواعد النظر، ومقتضيات العقول، ودس تغيير العلوم الشرعية في اسم التجديد أمر مرفوض، فإن التجديد رد الجدة (أي القوة) إلى الشيء، لا تغييره وإزالة ماهيته. وإن التجديد يجب أن يكون من أجل تقوية التوابث الدينية والشرعية وترسيخها في النفوس والعقول والمجتمعات الإسلامية، لا أن يتوسل بها إلى مسخ معالم الدين وتمييع الشريعة الإسلامية الغراء.

حديثكم عن ''التجديد'' هل هو انخراط في ما هو سائد في الساحة أم هو شيء آخر؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير