تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب]

ـ[يحيى خليل]ــــــــ[28 - 04 - 09, 05:43 م]ـ

وهذا الباب كله عجائب، بعد كثرة برامج وموسوعات الكومبيوتر، والتي هي في الأصل محرفة، فيقوم أحدهم بالضغط على أيقونة البحث، ويضع كلمات البحث، ويبدأ المسيرة، وتخرج له النتائج.

وهو لا يعرف أن هذه النتائج في الغالب محرفة في الكتاب المطبوع، وعندما نقلها صاحب شركة البرامج، أعطاها لمجموعة من أصحاب الأجور الرخيصة لإدخالها على البرنامج، وهم لا يعرفون الفرق بين كتابٍ في الحديث، وآخر في الجغرافيا، فيقومون بتحريف التحريف.

وفي النهاية تأتي الشركة على بعض المشهورين، وتهديهم عدة نسخ من البرنامج، ليكتبوا كلمة شكر، يتسوق على حسابها أصحاب الشركات!!

وصاحبنا الذي يتعاطى التحقيق ينظر على نتيجة البحث كأنها من تحقيق أبي الحسن الدارقطني، فيقوم بتبديل النسخ الخطية التي بين يديه، لأنها تخالف كتاب مجمع الزوائد (المطبوع)، مثلا، أو الذي ظهرت نتيجته في نتائج البحث.

إن تبديل النسخ الخطية (بالفهلوة)، و (الشطارة)، و (الخبرة) صار يلازم الذين اشتغلوا بمهنة التحقيق إلا من رحم ربك، وقليلٌ ما هم.

مثال: قال الدارقطني: شعبة وَهم في اسم خالد بن علقمة، فسماه خالد بن عرفطة. "العلل" 4/ 49.

فعندما يأتي أحدهم إلى إسناد فيه: شعبة، عن خالد بن عرفطة.

يقوم بتغيير عرفطة في الأصل، ويكتب: علقمة، ويقول: تحرف في النسخ الخطية إلى: خالد بن عرفطة، وأثبتناه عن "تقريب التهذيب"!!.

يا أخي؛ شعبة هكذا رواه، ولا يحل تغيير ذلك، وإن أخطأ شعبة.

ولن أطيل عليكم، سأذكر لكم مثالا الآن، في تحقيق "مسند أبي يعلى" طبعة دار المأمون، و"المطالب العالية" طبعة دار العاصمة، حيث قام المحققان بتبديل النسخ الخطية، متوهمان الخطأ، اعتمادا على وهمٍ لا صلة له بالتحقيق.

5724 - حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ نُعَيْمٍ (1)، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حَاجًّا، حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَتَى شَجَرَةً عَرَفَهَا فَجَلَسَ تَحْتَهَا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ شَابٌّ مِنْ هَذِهِ الشُّعْبَةِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي جِئْتُ لأُجَاهَدَ مَعَكَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَ: أَبَوَاكَ حَيَّانِ كِلاَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَارْجِعْ بِرَّهُمَا قَالَ: انْفَتَلَ رَاجِعًا مِنْ حَيْثُ جَاءَ.

_حاشية


(1) تحرف في طبعة دار المأمون إلى: "عن ناعم"، وقال محققه: "في الأصلين: "نُعَيْم"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، انظر التهذيب وكتب الرجال، كذا قال.
وقد ورد على الصواب في طبعة دار القبلة (5724)، و"إتحاف الخِيرَة المَهَرة" 5036، و"مجمع الزوائد" 8/ 138.
ووقع الخطأ عينه في "المطالب العالية" 2550، وذكر محققه أنه في جميع النسخ الخطية: "نُعَيْم"، فقام بالتبديل والتغيير.
قلتُ: وهذا ليس تحقيقًا، ويجب إثبات ما ورد في الرواية وإن كان خطأً.
نعم؛ المعروف: "ناعم"، لكنه في النسخ الخطية لهذه الرواية: "نعيم"، ثم؛ هذا الحديث معروفٌ لعبد الله بن عَمْرو، وليس لعبد الله بن عُمَر، فلماذا لم يبدله المحقق أيضًا؟!.

ـ[أبو أحمد الجدي]ــــــــ[29 - 04 - 09, 12:34 ص]ـ
نعم؛ المعروف: "ناعم"، لكنه في النسخ الخطية لهذه الرواية: "نعيم"، ثم؛ هذا الحديث معروفٌ لعبد الله بن عَمْرو، وليس لعبد الله بن عُمَر، فلماذا لم يبدله المحقق أيضًا؟!.
صدقت أخي
لابد لهذا الأمر من رجال يحملوا الأمانة كما حملها علماء الأمة
ولماذا لا تكون هناك رقابة مثلا على هذا الأمر أو غرامة مثلا لمن يخطئ مثل هذه الأخطاء (ابتسامة)

ـ[محمد الجيزي]ــــــــ[29 - 04 - 09, 01:28 م]ـ
إن تبديل النسخ الخطية (بالفهلوة)، و (الشطارة)، و (الخبرة) صار يلازم الذين اشتغلوا بمهنة التحقيق إلا من رحم ربك، وقليلٌ ما هم.

شيخنا الكريم إذا كان الأمر يتعلق بالشطارة والفهلوة فأنا معك فيما قلت ولكن هناك فرق بين إثبات أن الخطأ من المصنف نفسه أم من النساخ. فإذا كان من المصنف فيجب الإبقاء على الخطأ كما هو مع التصويب في الحاشية. أما إن كان من النساخ فلا غضاضة من إصلاح هذا الخطأ في متن الكتاب والتعليق عليه في الحاشية. وبما أن أكثر المخطوطات الموجودة بين أيدينا ليست أصولا- ومعنى الأصل أن يكون المصنف نفسه هو الذي نسخها أو أحد تلاميذه- بل هي نسخ خطية فيجوز إصلاح الأخطاء الواردة فيها مع ذكر الدليل في هامش المطبوع. وجزاكم الله خيرا.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير