إخوتي، كل هذا الذي كتبتُه خطأ، ولا صلة له بالتحقيق العلمي، وهذه هي (الفهلوة)، أو التحقيق (بالخبرة)، والذي في النسخة الخطية هو الصواب.
وهذا درس لنا جميعا، الحديث من طريق مالك بن أنس، ومع ذلك ورد مرسلا، ومتصلاً، مع اختلاف الرواة عنه، ولا يحل هنا تبديل وتصحيح.
أنت هنا تحقق رواية أبي مصعب الزهري للموطأ، وليس فيها: "عن ابن عباس"، ولو جاء الحديث من ألف طريق أخرى، عن مالك، غير طريق أبي مصعب، فعليك الإشارة فقط إلى أنه ورد هنا مرسلا، وهنا موقوفًا، وهنا متصلاً، وهنا بلاغًا.
ولذلك قال الجوهري: هذا في "المُوَطأ" عند ابن القاسم، وَابن وهب، ومَعْن، وَابن عفير، ويحيى بن يحيى الأندلسي، وَابن برد، عن ابن عباس، مُسندًا.
وأرسله غيرُهم، فلم يذكروا: "ابن عباس"، والله أعلم. "مسند الموطأ" 1/ 183.
وقال ابن عبد البَر: حديثٌ خامس لابن شهاب، عن عُبَيد الله، مُسْنَدٌ:
مالك، عن ابن شهاب، عن عُبَيد الله بن عَبد الله، عن ابن عَباس، قال: مر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بشاة ميتة ... الحديثَ.
هكذا روى يحيى هذا الحديث، فجَوَّد إسناده أيضًا، وأتقنه.
وتابَعَه على ذلك ابنُ وَهْب، وابن القاسم، والشافعي.
ورواه القَعْنَبِيّ، وابن بكير، وجويرية، ومحمد بن الحسن، عَن مَالك، عن ابن شهاب، عن عُبَيد الله، عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، مُرسَلاً، والصحيح فيه اتصاله، وإسناده.
وكذلك رواه معمر، ويونس، والزبيدي، وعُقيل، كلهم، عن ابن شهاب عن عُبَيد الله، عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، مثل رواية يحيى، ومن تابَعه، عَن مَالك، سواء.
وكان ابن عُيَينة يقول مرارا كذلك، ومرارا يقول فيه، عن ابن عباس، عن ميمونة.
وكذلك رواه سليمان بن كثير، عن الزُّهْرِيّ، عَن عُبَيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة. "التمهيد" 9/ 49.
وبعد عشرين عاما من هذا الخطأ الذي وقعتُ فيه، أشكر الله أنني لم أُغير ما ورد في النسخة الخطية، ووقع الخطأ في الحاشية.
والخطأ خطأ، وقع في الحاشية، أو وقع في المتن، وإن كانت الأولى أيسر بقليل.
وإلى لقاء قادمٍ بعون الله، وليت كل واحد من إخواننا يكتب عجائب ما أخطأ فيه هو، أو غيره.
مَن ذا الذي ما ساء قَطْ ... ومَن له الحُسنى فقَطْ
مُحمد الهادي الذي ... عليه جبريلُ هَبَطْ.
ـ[أبو أحمد الجدي]ــــــــ[20 - 05 - 09, 06:44 م]ـ
بارك الله فيكم
هذا الباب جيد
وأرجوا لو تابعتم فيه
ـ[أبو إسحاق السندي]ــــــــ[22 - 05 - 09, 02:15 ص]ـ
أرجو أن يُثبت الموضوع، ليذكر الإخوة الفضلاء فيه أخطاء المحققين التي وقفوا عليها في الطبعات المتداولة للكتب المشهورة، ليصحّح كل منّا نسخته.
إن الواحد ليستغرب حين يقف على أخطاء فادحة للمحققين الذين يُخرجون الكتب فيحرفونها عما وضعها عليه مؤلفوها. دونكم مثالا واحدا:
كتاب النُبذ في أصول الفقه لابن حزم الظاهري بتحقيق: محمد صبحي حسن حلاق. دار ابن حزم.
تكلم المؤلف في ص82 - 83 على كون الصحابة كلهم عدولا، وذكر كيف يُعرف كون الرجل المدّعي للصحبة صحابيا، ثم تطرق لأمهات المؤمنين وأن أمرهنّ ظاهر، لا يخفى على أحد في ذلك الوقت بخلاف مجرد الصحبة فإنها قد تخفى ... فقال:
فأما إذا روى الراوي الثقة عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خبرا فهو حجّة لأنهن لا يمكن أن يَخْفَيْنَ عن أحد من أهل التمييز ذلك الوقت. اهـ
هذا كلام واضح يفهمه كل عاقل شمّ أدنى رائحة العلم. لكن وللأسف لم يفهم المحقق هذه العبارة، فأدرج فيها كلمة - من كيسه - وحرّفها هكذا:
فأما إذا روى الراوي الثقة عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خبرا فهو حجّة لأنهن لا يمكن أن يُخْفِينَ [شيئا] عن أحد من أهل التمييز ذلك الوقت. اهـ
أمهات المؤمنين لا يُخفين شيئا عن أحد! وهل كان بقية الصحابة يُخفون أشياء عن الناس؟؟؟
سبحان الله! ما أفحش هذا التحريف، لو كان ابن حزم حيّا ورأى ما فُعل بكتابه ....
وفي نفس الكتاب موضع آخر لايقل عن هذا في التحريف، ولعلي أذكره مرة أخرى ....
دمتم بخير